معارضة موالية أيضا

TT

آخر بيان عن الخارجية الروسية، يوم الثلاثاء الماضي، يدعو للعودة إلى بيان مؤتمر جنيف. ومؤتمر جنيف هو الذي وقف فيه عبد الله بن زايد طارحا السؤال الذي لم يجب عنه أحد: أين كوفي أنان؟ وكوفي كان في طهران، يستمع باهتمام إلى عشق إيران للسلام والوئام، في سوريا وفي المنطقة، وخصوصا في البحرين وسائر الخليج.

ثمة غرابة في الجانب الدولي من القضية السورية: لغات مختلفة ولهجة رتيبة واحدة. مثل أميركا مثل روسيا. موسكو تكرر أن لا ضرورة لبقاء الرئيس السوري، وواشنطن تكرر منذ عام أنه ذاهب غدا. وما قاله كوفي أنان قاله الأخضر الإبراهيمي. وما بين هؤلاء جميعا يكرر بشار الأسد احتضانه للوطن والأمة والصمود، قائلا أن لا مشكلة في سوريا بل في الدول التي تساعد العصابات المسلحة.

يتصرف جميع المقيمين وكأن الذين يقتلون كل يوم طيور من نوع الرهو الذي يحرص فلاديمير بوتين على حمايته من الانقراض. التاريخ مليء بالوضاعات والوقاحات، لكن أغلظها كانت رحلة هذا اللوح القطبي على طائرة شراعية، فيما يقفز عدد قتلى سوريا فوق الثلاثين ألفا. هو يحلق في طائرة شراعية وقاذفاته تقصف حلب.

تصرف جميع الفرقاء حيال السوريين برتابة وبلادة واحدة ولغات كثيرة. لم تقدم لهم هيلاري كلينتون أكثر مما قدم سيرغي لافروف، الذي ابتعد في الآونة الأخيرة عن النطق اليومي تاركا ذلك لمن هم دونه. دولة استخدمت الفيتو ودولة رضخت له وتذرعت به. وكلاهما شل عمل الجامعة العربية وعمل الأمم المتحدة واتفقا على التدقيق في الرقم الحقيقي لفظاعات سوريا اليومية.

وحقيقة الأمر أن الفريقين الرئيسيين يدركون أن لا حل، وأن جميع المؤتمرات والبيانات لن تؤدي إلا إلى المشاهد نفسها: عربدة في الجو وعويل على الأرض وخيام تنتظر الوصول والعواصف، والخطاب التالي للرئيس الأسد.

من كان يتخيل هذه الصورة قبل عامين: سوريا بلد مطروح على «قوة الردع» وموزع على آلاف الخيام عبر الحدود؟ ومن كان يتخيل أن السوري سوف يلجأ إلى الأردن ولبنان والعراق وحتى إلى «بقايا الإمبراطورية العثمانية» في تركيا؟ الجميع يكابرون في انتظار لا شيء. النظام لا يعتبر ما نراه كل يوم أكثر من نشرة أخبار يعدها عملاء. ولذلك يعد هو مؤتمر معارضته. ومن يضحك جاهل. المعارضة في سوريا يجب أن تكون أيضا منبهرة بعدالة النظام وإشراق المستقبل.