المساعدة التركية لمصر

TT

يقول الخبر إن تركيا سوف تقدم إلى مصر مساعدات بقيمة ملياري دولار. نبأ طيب: دولة إسلامية، ذات تاريخ مشترك، تقدم المساعدة إلى دولة إسلامية أخرى. هذا في الوهلة الأولى. في الثانية، هذا لا يليق: دولة من 70 مليونا، أصغر سنا - «كدولة» قائمة - بنحو 3 آلاف عام، تقدم مساعدة إلى دولة من نحو 90 مليون نسمة تقريبا، ودعك من الأرقام الأخرى، لأن كل شيء تقريبي في مصر، وفي سائر الدول العربية. لكن خبراء الإحصاء يقدرون أن عدد المصريين الآن تجاوز تسعين مليونا، وحاول أن تنسى الأرقام التي قرأتها من قبل.

يا سيدي مبروك، وعقبال المائة، وما فوق. لكن من هؤلاء هناك نحو 7 ملايين موظف في الدولة، كما تروي الكاتبة ياسمين الرشيدي. نحو 300 ألف عينوا خلال حكومة الفريق أحمد شفيق وحدها، لأن مصر كانت تغلي وكل من خبط على باب الدولة، قيل له تفضل، بس ما تزعلش.

هل 7 ملايين موظف دولة، حل أم مشكل؟ لست خبيرا في الإحصاء ولا في الإدارة. لكنني أقول 7 ملايين عامل أفضل من 7 آلاف عاطل عن العمل. الدولة هي الأم والناس أولادها. ولكن ماذا إذا انهار البيت على الأم والأولاد معا؟ العبء الوظيفي ليس مشكلة مصر وحدها. هو مشكلة حتى في دولة غنية وقادرة مثل الكويت. وإذا لم يكن مشكلة خطرة اليوم فهو كذلك غدا، لأن الدولة تفكر في الوفود المقبلة والأجيال المقبلة، ولا تستطيع أن تترك التخطيط للأماني أو الفوضى.

كانت تركيا الماضية تشبه مصر الحالية إلى حد بعيد: عملة ضعيفة وتضخم مالي وبطالة شديدة وفوائد على العملة تصل إلى 50 في المائة وجيش يتلقى المساعدات من دول أخرى. والاقتصاد التركي اليوم اقتصاد حي: صناعة وزراعة وتطور ونمو وسياحة ومداخيل ووضع عام أفضل من وضع دول أوروبية كثيرة. وبدل أن تنتظر المساعدات، تقدمها.

هل ستظل مصر غارقة في القضايا الكبرى، كالعلاقة المستقبلية بين الصين والهند؟ أم ستدخل عصر القضايا الصغيرة كالحياة والتطور وتوفير فرص العمل لعشرات آلاف (لا أرقام رسمية) الخريجين كل عام؟ لا يمكن أن يبقى النمو الوحيد في زيادة النسل. ولا يليق أن تقبل مصر المساعدة من أحد. دعنا من خرافة العدد. سكان كندا 35 مليونا ومجموع الناتج القومي الداخلي 1.736 تريليون دولار. حي مصر على الفلاح.