أخطاء نتنياهو بشأن إيران

TT

طرح شاؤول موفاز زعيم حزب كديما الإسرائيلي الوسطي 3 أسئلة على بنيامين نتنياهو هذا الشهر، حيث تحدث في الكنيست قائلا: «سيدي رئيس الوزراء، هل لك أن تخبرني من هو أكبر عدو لنا: الولايات المتحدة أم إيران؟ ومن تريد إقصاءه؛ أحمدي نجاد أم أوباما؟ وإلى أي مدى أنت مستعد لسحب العلاقات مع أقرب حلفائنا إلى أسفل؟».

يا للهول! إن تصريحات نتنياهو بخصوص إيران وضعته في مأزق، فقد وضع كثيرا من «الخطوط الحمراء» فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني إلى درجة أن أحدا لا يستطيع تذكرها، ودأب على إبداء غضبه على الملأ من رفض أوباما فعل الشيء نفسه، كما بدأ في الآونة الأخيرة في التلاعب بالاستعارات: إيران أصبحت الآن على بعد «20 ياردة» من «الوصول». وهذا المأزق الزائف الذي يدعيه غير موجود إلا في قصص الأطفال، فقد قال في عام 1992 إن إيران أمامها من 3 إلى 5 أعوام كي تمتلك قدرة نووية (وكان أحد إنجازات هاجس إيران المسيطر على نتنياهو هو إحالة القضية الخطيرة التي تواجه إسرائيل، وهي قضية ملايين من الشعب الفلسطيني الواقفين على أعتابها، إلى شيء ما بين الثانوي والمنسي. وأفضل وصف لتفكير نتنياهو هو الكلام الذي قاله رفيقه المتمرس ميت رومني: أنا أنظر إلى الفلسطينيين الذين لا يريدون أن يروا السلام على أي حال، لأغراض سياسية، والذين يريدون تدمير إسرائيل والقضاء عليها، ومثل ذلك من القضايا الشائكة، ثم أقول: «لا توجد أي وسيلة»).

والخطأ الذي وقع فيه نتنياهو هو الاعتقاد بأنه يستطيع تجاوز أوباما، حيث حاول من خلال الكونغرس - الذي حظيت كلمته التي ألقاها داخله العام الماضي بتأييد 29 نائبا - ورحب برومني في إسرائيل كما لو كان في زيارة رسمية، وقال إن أولئك «الذين يرفضون وضع خطوط حمراء أمام إيران ليس لديهم حق أخلاقي في وضع ضوء أحمر أمام إسرائيل»، وأبدى انتقادات في حوارات أجرتها معه شبكات تلفزيون أميركية في خضم الحملة الرئاسية، وأكد مرارا وتكرارا أنه لا توجد لديه أي نية، على الإطلاق، للتأثير على النتيجة، ومن الأوصاف التي ذكرها: الوقح والمتهور وغير العقلاني. كما كان هناك وصف آخر ماكر وهو: لقد وضع أوباما خطا أحمر واضحا أمام إيران، وهو أنه لن يسمح لإيران بأن تصبح دولة مسلحة نوويا.

وقد أثار ذلك غضب الرئيس (وليس من المستغرب أن لا يكون لديه وقت لمقابلة نتنياهو أثناء زيارته المقررة إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع بعد الاحتفال بيوم الكيبور لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة)، إذ لا ينبغي لأي رئيس وزراء إسرائيلي أن يقوم بمراوغة الرئيس، والمراهنة على خسارته للانتخابات، والهجوم عليه علنا عندما يكون المسار الأكثر ضررا من الناحية الاستراتيجية لدولة بقوة إسرائيل هو إغضاب حليفها الدائم وممولها السخي وموردها العسكري، وهو الولايات المتحدة. كما أن ذلك جعل السيناتور باربارا بوكسر النائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، تستشيط غضبا، حيث أعربت في خطاب أرسلته مؤخرا إلى القائد الإسرائيلي عن «ذهولها» وخيبة أملها من تشكيكه في الدعم الأميركي لإسرائيل، وكتبت: «هل تحاول الإيحاء بأن أميركا ليست أقرب حليف لإسرائيل ولا تقف إلى جانب إسرائيل؟ هل تقول إن إسرائيل في عهد الرئيس أوباما لم تحصل على مساعدات أمنية سنوية من الولايات المتحدة أكثر مما حصلت عليه في أي وقت آخر في تاريخها؟»، وعندما يظهر شرخ في دعم الكونغرس لإسرائيل، فإن هذا يكون نذيرا بزلزال.

وأفضل قراءة قبل زيارة نتنياهو لأميركا جاءت في «تقييم فوائد وتكاليف القيام بعمل عسكري ضد إيران»، وهي ورقة بحثية رائعة (ودرس في الرزانة أيضا) قدمها «مشروع إيران» ووقع عليها اثنان من مستشاري الأمن القومي السابقين هما زبيغنيو بريجينسكي وبرينت سكوكروفت، ونائب وزير الخارجية السابق ريتشارد أرميتاج، والسيناتور السابق تشاك هاغيل، ومجموعة من القادة العسكريين المتقاعدين مثل الجنرال أنتوني زيني والأدميرال ويليام فالون، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الخبراء.

ومن بين النتائج التي توصلت إليها هذه الورقة البحثية: «سوف تحتاج إيران إلى عام أو أكثر لتصنيع سلاح على مستوى عسكري، بمجرد اتخاذ القرار بذلك، وسوف تحتاج على الأقل إلى عامين أو أكثر لتصنيع رأس نووية يمكن بصورة مضمونة نقلها عن طريق صاروخ»، والولايات المتحدة لا تعتقد أن المرشد الأعلى الإيراني قد اتخذ ذلك القرار.

ثم هذا: إن أي ضربة عسكرية إسرائيلية «من المستبعد أن تنجح في تدمير أو حتى إحداث ضرر شديد» في موقع التخصيب المقام تحت الأرض في قرية فوردو، الذي يوجد فيه مخزون من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، ومن الممكن فقط أن تؤخر قدرة إيران على صنع قنبلة نووية «لما لا يزيد على عامين»، ولا يمكن سوى لحملة عسكرية أميركية «يتم تنفيذها بدرجة تقترب من الكمال» أن تؤخرها «بما يصل إلى 4 أعوام».

وأيضا هذا: سوف تقوم إيران على الأرجح بالانتقام، و«نحن نرى أن هناك على الأقل شروطا مسبقة للقيام بتصعيد كبير وإشعال صراع دموي في منطقة الشام». وبالإضافة إلى ذلك، «نحن نرى أن شن هجوم أميركي على إيران سوف يعزز بشدة من دوافع إيران كي تصنع قنبلة»، وقد «تنهي جميع أشكال التعاون» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يعمل مفتشوها في إيران. كما أن أي هجوم سوف يؤدي أيضا إلى «تعزيز قدرة الجماعات الإسلامية المتشددة، بما في ذلك تنظيم القاعدة، على اجتذاب المسلمين»، ومنحهم «سببا أكبر للاعتقاد بأن أميركا وإيران في حالة حرب مع الإسلام».

باختصار، فإن الحقائق تقف ضد نتنياهو. وبعد العراق، إذا كان الأميركيون سيدخلون حربا في بلد إسلامي ثالث، فإنهم يريدون أن تكون تلك الحرب قائمة على حقائق. وسلوك نتنياهو العنيد هذا هو نكران لجميل أوباما وإضعاف للمصالح الاستراتيجية الحقيقية لإسرائيل.

* خدمة «نيويورك تايمز»