لو كانت سوريا نفطية؟

TT

توقفت طويلا أمام ملاحظة عميقة للأستاذ عمرو موسى وهو يتحدث عن الفيتو الصيني والروسي حول قرار مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على سوريا. قال عمرو موسى: «إن هذا الفيتو الروسي - الصيني أنقذ الولايات المتحدة وأوروبا من مواجهة موقف شديد الصعوبة».

وحينما سألناه: «كيف؟»، قال الدبلوماسي المخضرم: «لأن الأميركان والأوروبيين ليست لهم سياسة واضحة تجاه كيفية التعامل مع الحالة السورية، خاصة إذا ما كان هناك قرار دولي، يتعين تنفيذه، بفرض عقوبات أو إجراءات ضد النظام السوري الحاكم».

الولايات المتحدة منشغلة بالاستحقاق الرئاسي، وهي كما يطلقون عليها في واشنطن «بطة عرجاء»، لا تستطيع التحرك للأمام أو للخلف تجاه أي قضية أو ملف دولي. حتى يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، كل شيء في واشنطن يلف ويدور ويتمحور حول مسألة واحدة، وهي معركة الانتخابات وحسم من هو سيد البيت الأبيض المقبل.

وفي أوروبا، الجميع منشغل ومتورط في الأزمة الاقتصادية الضاغطة، وفي توفير فاتورة إنقاذ اقتصادات إسبانيا واليونان باهظة التكاليف. أوروبا مهمومة بالبطالة، وبالاحتجاجات الفئوية، وبمشاكل المهاجرين، وبمطالب المواطنين بتحسين خدمات الصحة والتعليم وغلاء الأسعار. هذا الوضع يجعل الأميركان والأوروبيين يعيشون في عالمهم الخاص، ليست لديهم القدرة على اتخاذ قرارات كبرى تصل إلى مصاف إدارة حرب إقليمية كبرى. خزانة الأميركان والأوروبيين لا تتحمل فاتورة تحريك بوارج وطائرات عملاقة وقوات إلى الشرق الأوسط. لا بد من وجود قوى ما تقوم بتحمل هذه الفاتورة.

في الحالة الليبية، كان التحرك الدولي نحو الحصار العسكري ثم عمليات «الناتو»، يضمنه حاليا كون ليبيا دولة نفطية، يمكن استرداد بعض أو كل فاتورة التكاليف من العوائد النفطية، أما في الحالة السورية، فإن النفط السوري يكفي بالكاد الاستهلاك المحلي.

نحن في عالم حسابات الكلفة والعائد، المكسب والخسارة، بصرف النظر عن شعارات «الدفاع عن حقوق الإنسان» أو «منع التطهير العرقي» أو «إنقاذ المدنيين العزل من مجازر النظام». كل هذا الأمر كلام في كلام. الذي يبقى أمام الغرب المأزوم الآن هو كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي الذي يهدد المستقبل السياسي لأكبر الأحزاب والتحالفات الحاكمة.

أرجوكم، لا تحدثوني عن مسألة «الضمير العالمي» الذي أخذ «إجازة طويلة» بينما أطفال تذبح، ومئات الآلاف تُهجّر، ومدن تاريخية تندثر! حقا، إنه عالم مخجل للغاية!