إعجاز أكتوبر 1973!

TT

أتألم كثيرا حينما لا أجد تقديرا من بعض الزملاء والزميلات الكتاب لحجم ما حدث من إنجاز وإعجاز إنساني وعسكري بكل المقاييس في حرب أكتوبر 1973.

هذا العبور العظيم الذي نقل مصر والأمة العربية من حالة الإحباط والانكسار إلى حالة من الثقة بالنفس وإيمان بقدرة العرب على تغيير الواقع إن أرادوا وقاموا بتحقيق ذلك بعزيمة وإيمان وعلم حديث.

يجب أن يتخيل الذين لا يعرفون قدر العبور العظيم المشهد العسكري والاستراتيجي حتى بعد ظهر يوم 6 أكتوبر 1973: طول جبهة القتال يبلغ 173 كيلومترا تدعمها 32 نقطة حصينة و200 نقطة فرعية.. النقطة الحصينة تم تدعيمها «بخرسانة مسلحة» مثيلة «للدشمة النووية» التي لا تؤثر فيها مدفعية الميدان من أثقل وزن وعيار.

ارتفاع الحائط الرملي المبني على حافة القناة 18 مترا بزاوية ارتفاع 60 درجة مئوية. الحائط مصنوع من مواد خرسانية يستحيل اختراقها أو القيام بعمل فتحات فيها.

النقاط الحصينة تم تزويدها بفتحات هائلة من قاذفات اللهب والنابالم الحارق.

المسافة بين ضفتي القناة تحتاج من 45 إلى 55 دقيقة لعبورها والانتقال من ضفة إلى أخرى في مياه يصل عمقها إلى 20 مترا.

باختصار كل شيء، بكل المقاييس، يقول ويؤكد أن هناك استحالة نسبية للعبور، وأن مجرد التفكير في الإقدام عليه فإنه يعتبر نوعا من الانتحار الجماعي للجيش المصري.

وفي الساعة الثانية ما بعد يوم السبت 6 أكتوبر (تشرين الأول) عبر 120 ألفا من الجنود والضباط بمعدل قياسي وهو 7 دقائق من ضفة إلى أخرى وبنوا رؤوس جسور ونقلوا مدافع ثقيلة ونقلوا مدرعات ومجنزرات بنسبة خسائر تقل عن واحد في المائة في الجنود والعتاد!

وخرج علينا العقيد القذافي ليتهم مصر بأنها قامت بحرب «تحريك لا حرب تحرير»

ونسي القذافي أن مصر هي صاحبة أول صاروخ سطح - سطح في تاريخ البحرية، وأنها أفضل من استخدم الصواريخ المحمولة كتفا، وأكثر من برع في استخدام الصواريخ المضادة للدروع، وأن الطيار المصري استطاع بطائرة ميغ 17 أن يسقط طائرتي فانتوم 5 وميراج.

ونسي القذافي بحماقاته المتعددة، أن أكبر معركة جوية في تاريخ البشرية عقب الحرب العالمية الثانية كانت معركة المنصورة التي اشترك فيها 250 طائرة مقاتلة من الطرفين واستمرت 50 دقيقة وهو زمن غير مسبوق في زمن تلك المعارك!

سلام على كل شهيد، وسلام على أبطال تلك الحرب، وسلام على قائد حرب أكتوبر 1973.