الشرع بديلا للأسد!

TT

يقول وزير الخارجية التركي إنه من الممكن أن يحل فاروق الشرع مكان بشار الأسد على رأس حكومة انتقالية تؤدي إلى وقف النزاع المستمر في سوريا منذ أكثر من 18 شهرا. وأضاف السيد أوغلو أن الشرع «رجل عقل وضمير ولم يشارك في المجازر»، مؤكدا أن المعارضة «تميل إلى قبول الشرع». فهل هذا الأمر ممكن؟

بالطبع كون هذا التصريح صادرا عن رجل بحجم وزير الخارجية التركي، فإنه أمر لا يمكن تجاهله، لكن الغريب في هذا المقترح القديم - الجديد أنه سبق طرحه، وبطرق مختلفة، ومنذ بداية التحرك العربي في الأزمة السورية، ورفض رفضا تاما من قبل الأسد الذي سارع وقتها بتعيين وزير مختص لمحاورة المعارضة. فلماذا يعود هذا المقترح الآن مرة أخرى، وعلى لسان وزير الخارجية التركي؟

المنطق يقول، خصوصا أن الواضح هو أن المسؤولين في منطقتنا لا يكترثون كثيرا بالرأي العام، والدليل حجم الصمت تجاه ما يحدث في المنطقة.. المنطق يقول إن إعادة طرح فكرة تولي الشرع مرحلة انتقالية في سوريا هدفها تجديد الفكرة على أمل أن تحظى بدعم من قبل الروس والإيرانيين، على اعتبار أن يكون مخرج الأزمة السورية هو خروج الأسد، وليس سقوط النظام. وفي هذه الجزئية تحديدا، فقد سبق لمسؤولين عرب أن سمعوها صريحة من المسؤولين الروس الذين قالوا لهم: لماذا كان من المقبول خروج مبارك في مصر وبقاء النظام، بينما يجب إسقاط النظام كاملا في سوريا، وليس خروج الأسد فقط؟

ومن هنا يبدو أن إعادة المقترح الخاص بأن يقود الشرع المرحلة الانتقالية في سوريا هو من أجل تطمين الروس والإيرانيين بأن نفوذهم في سوريا لن يتهاوى في لحظة، وإنما من خلال قبولهم بالشرع، فإنهم يقبلون بأقل الضرر. لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة بطبيعة الحال، خصوصا أن المعارضة السورية باتت اليوم لا تفرق بين أعضاء النظام الأسدي كلهم، لا سيما ونحن نرى الاتهامات التي توجه لمستشارة الأسد على خلفية قضية الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة، كما أن لدى المعارضة السورية مكاسب حقيقية على الأرض لا يمكن التفريط فيها بسهولة، ومن خلال تقديم تنازلات لأحد أركان النظام الأسدي، وإن كان الشرع. وهنا يجب أن نتنبه إلى خبر لافت؛ وهو الاجتماع الذي عقده في عمان وزير الخارجية الأردني ناصر جودة مع رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، والذي بحث «تطورات الأوضاع على الساحة السورية»، بحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، مما يعني أن لدى المعارضة السورية خيارات أخرى قادرة على تولي مرحلة ما بعد الأسد!

وعليه، فليس من السهولة تخيل حل على طريقة مقترح إنابة مبارك للراحل عمر سليمان، فالأوضاع على الأرض في سوريا مختلفة تماما، إلا في حال كانت هناك «طبخة» مستوية، لا يعلم عنها أحد، وهذا أمر لا يوجد ما يدعمه لهذه اللحظة، فلا الأسد بالعاقل؛ ولم نر من روسيا وإيران ما يوحي بأي إشارات جادة. وهنا يبقى سؤال مهم وهو: هل يريد الأتراك القول بأننا فعلنا كل ما في وسعنا، لكن الأسد وإيران وروسيا لم يستمعوا إلينا؟ ربما.

[email protected]