إلى الزميل الناشئ

TT

إلى زميل ناشئ: وكما قلت لك غير مرة، ليس من الضروري أبدا أن تتبع نصائحي. في إمكانك أنت أيضا أن تخرج إلى أسلوبك الخاص وطريقتك الخاصة في العمل، ما دمت تبذل جهدا معتبرا في كل الحالات. ليس جهدا «كافيا» بل جهدا معتبرا. الجهد الكافي لا يكفي. إنه يعني أنك لا تطمح إلى شيء. تريد أن تُقبل كواحد من الجماعة وأن تحصل على عضوية النادي وأن تجد غالبا من يعلق على مقال لك.

في هذه الحال، اختر مهنة أخرى، أقل إغراء وأكثر فائدة. لأنك عندما تكبر وتضع أمامك لوح الحساب، سوف تنطق بعد فوات الأوان: لا مالا ربحت ولا متعة كسبت. الصحافة، مثل باقي الفنون، إذا لم تحبها لن تتقنها. وهي لن تتبرع لك بشيء. عرض يومي لجميع أنواع الأقلام وجميع السباقات. إذا كنت تفضل الراحة على التعب، اذهب ومدد رجليك فوق مكتب مطل على النهر أو على البحر. أو على حديقة جميلة.

هذه مهنة فيها لمثل من هم في سنك، سفر وشقاء ومكتبات ورفوف مكتبات وحضور محاضرات وكتابة ثم إعادة كتابة ثم تصحيح ما أعدت كتابته. إياك أن تكتب بسرعة. من يقدر قيمة الكتابة يتمهل ويتروى ويتأمل ثم يكرر الثلاث من جديد. لا تكتب بسرعة. هذا هو الخطأ الذي مارسته طوال عمري. دائما أكتب وكأن المطبعة تنتظر ورقتي الأخيرة. ولا مرة كانت المطبعة تنتظرني. كلما تباطأت في الكتابة استحققت أن تكون كاتبا.

اذهب أبعد مما ذهب سواك. مختلفا. حاذر ما يكرره سواك وتجنبه. بل حرمه على نفسك. لا تقف أمام الكاميرا وتقول لسامعيك: «ماذا سيحدث غدا؟ الأيام التالية كفيلة بأن تطلعنا على ذلك». ما شأنك وشأن سواك بالأيام التالية. أنت مهمتك الوحيدة أن تطلعني على ما حدث وأن تنقل إليّ تفاصيل الخراب الذي إلى جانبك.

أما الأيام التالية فأنت مثلي لا تعرف عنها شيئا. وأنا مثلك أعرف أنه سوف يتقرر فيها شيء ما. فلماذا هذا الهراء الذي يكرره كل يوم كما في جوقة واحدة، عدد من هواة العلك؟ أنت حاول أن تكون مختلفا. ابحث. جدِّد. لا تكرِّر. تعامل مع الخبر والتعليق كأنه كتاب. هذه مهنة لا يداوم صاحبها ثم يعود إلى بيته. إذا أردت أن تنجح فاعرف أنها مهنة يداوم فيها الإنسان وهو في بيته. صدقني.