قتلت حماتي علشان ما عملتش قلقاس!!

TT

دخلنا الآن في عالم اللامعقول في معالجة بعض أزماتنا العربية! في سوريا، هناك نظام يرفض أن يرحل، وفي العراق رئيس حكومة قرر أن يبقى حتى قيام الساعة، وفي فلسطين دولتان؛ الأولى في غزة والثانية في رام الله لا يعترف بهما أحد، وفي لبنان ما زالوا يحاولون تطبيق «الطائف» ومحاولة أخرى فاشلة لوضع سلاح حزب الله تحت إمرة الدولة، وفي اليمن ما زال الرئيس السابق علي عبد الله صالح يحاول أن يؤثر في صناعة القرار السياسي. أما في تونس فلا أحد يعرف إذا كانت الثورة مستمرة أم معطلة، وفي مصر الشعب يريد تحقيق مطالب الثورة الآن الآن وليس غدا، وفي الأردن المشاجرة السياسية محتدمة بين الإخوان ونظام الحكم، والجميع يعد نفسه لانتخابات برلمانية بعدما تم حل البرلمان الحالي. أما الصومال فقد أصبح شظايا دويلات، والكويت ما زالت أزمة البرلمان المتناحر غير القابل للتعايش مع نفسه تسيطر على العقل السياسي في المجتمع.

بالمقابل تحقق إسرائيل نجاحات كبرى في صناعاتها العسكرية وتصل إلى ابتكار القنبلة الكهرومغناطيسية. وتعد إيران نفسها لمرحلة التخصيب النووي، أما تركيا فهي تتهيأ لتكون قوة اقتصادية عظمى بحلول 2030 إذا ما استمرت في معدلات النمو الاقتصادي الحالية.

العرب يتراجعون، ودول الأطراف وإسرائيل وإيران وتركيا تتقدم! نحن أغرب حالة من حالات التآمر في العالم؛ ففي العادة يتآمر الناس على غيرهم، شركة ضد أخرى، دولة ضد دولة جارة، تجمع اقتصادي ضد آخر. أما في حالتنا العربية فنحن أول حالة في تاريخ المؤامرات الدولية التي يتآمر فيها الإنسان على نفسه!

نكتشف بعد نصف قرن أن سياسة الدعم الاقتصادي للسلع التي أنفقنا عليها مليارات من الدولارات كانت خاطئة ولا تذهب إلى من يستحقها. نكتشف في دول أخرى أن نوعية السلاح الذي نتعاقد عليه ليس هو ما تحتاجه البلاد. ندرك، بعد فوات الأوان، أن النظام التعليمي الذي نطبقه لا علاقة له إطلاقا بالتطور العلمي المعاصر ولا باحتياجات سوق العمل.

ما زلنا نقدم نشرات الأخبار الحكومية بنفس الشكل الممل وبذات الترتيب التقليدي على نغمات الموسيقى الرتيبة التي انشرخت اسطوانتها من كثرة التكرار الأسطوري ليل نهار! لا شيء يخدم العقل أو المنطق أو حتى المصلحة! وما زلنا نفكر في عمل لوبي في واشنطن، وفي تعديل ميثاق الجامعة العربية، وما زلنا ندعو إلى قيادة عربية موحدة، وضرورة تفعيل نشاط مجلس الوحدة الاقتصادية! ما زلنا نقولها على مستوى الخطب والكلمات والشعارات دون أن نتحرك خطوة واحدة. وإذا لم نكن ندرك أين تكمن المصلحة في أن نفعل ما يجب أن نفعله، فإنني أتساءل وما هي المصلحة في هذا الجنون والجمود ومعاداة النفس؟

إنها حالة من اللامعقول تذكرني بمخرج سينمائي مدمن حبوب هلوسة، اتفق مع منتج يعشق البانجو، اتفقا مع مؤلف مسطول بشكل دائم، على عمل فيلم بعنوان «قتلت حماتي عشان ما عملتش قلقاس على العشا».