ابتعاد مشعل واستقالة أبو مازن؟

TT

سعدت للغاية بإجراء حوار مطول مع الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أذيع يوم الأحد الماضي.

في هذا الحوار ظهر معدن الرجل الثوري المقاوم الذي يمزج ما بين القدرة على مقاومة ورفض الاحتلال والقدرة على إدارة هذا الأمر بحكمة وواقعية وفهم عميق لحقيقة العناصر الموضوعية التي تتحكم في الأزمة.

ولكن أزعجني للغاية أن الرجل أعلن عن عدم رغبته في إعادة ترشيح نفسه مرة أخرى لمنصب رئيس المكتب السياسي.

ورغم محاولاتي المتكررة لمعرفة السبب إلا أن مشعل المعروف عنه دماثة الخلق وعفة اللسان رفض الإفصاح عن أسبابه الحقيقية. وترك المنصب طواعية ليس عادة عربية، ولا يقدم أي إنسان طبيعي في العالم العربي على الاعتذار عن المنصب إلا إذا كان بقاؤه سوف يؤدي إلى صدام يريد أن يتجنبه أو تفادي أن يكون شاهدا على أزمة أو كارثة لا يريد أن يكون طرفا فيها.

على قدر فهمي المحدود، فإن مشعل يريد أن يغسل يده تماما من مرحلة مقبلة يرى الرجل أنها سوف تأخذ القضية الفلسطينية إلى مزيد من الانقسام والتشرذم الداخلي.

وأزمة القضية الفلسطينية هي أن مشروع الدولتين قد تحقق بالفعل، ولكن بدلا من أن ننجح في أن تجبر إسرائيل على وجود دولة إسرائيلية وأخرى فلسطينية، نجحنا في مشروع الدولتين ولكن بطريقة أخرى وهي دولة في غزة ودولة رام الله!

إن الانقسام الفلسطيني الحالي ليس هو نهاية المطاف، وكل المؤشرات تدل على أن مشروع الانقسام هو الأكثر حظا من مشروع المصالحة الوطنية الفلسطينية.

ويزداد الجرح عمقا إذا علمنا أن الرئيس الفلسطيني (أبو مازن) سوف يسعى عقب نجاحه في إيجاد وضع الدولة القانونية لفلسطين على المستوى الدولي، إلى ترك منصبه في الرئاسة ويبتعد عن السياسة كليا.

هنا يذهب حكيم حماس خالد مشعل إلى الانعزال الطوعي سياسيا، ويذهب أبو مازن إلى التقاعد الطوعي والتفرغ لاستكمال مذكراته المفصلة التي دأب على تدوينها منذ أكثر من نصف قرن بشكل يومي.

الصورة تزداد قتامة إذا اختفى منها أبو مازن وخالد مشعل (أبو الوليد)، ويغيب عن القضية الفلسطينية اثنان من كبار عقلائها.

وفي يقيني أن أسعد الناس برحيل مشعل وابتعاد أبو مازن سوف يكون حزب الليكود وبيبي نتنياهو.