كلا.. أنا مع السير أندرومشل

TT

اهتزت الأوساط العامة ووسائل الإعلام في بريطانيا قبل أيام للمشادة التي جرت بين السير أندرومشل، كبير مراقبي البرلمان (Chief Whip) للحكومة البريطانية، والشرطي المكلف ببوابة داوننغ ستريت، مقر الحكومة. قيل إنه نطق بكلمات نابية ضد الشرطي وهدده الشرطي بإلقاء القبض عليه لإهانة رجل مسؤول. ضجت الصحافة بشأن الكلمات النابية التي قالها السير أندرو. ماذا كانت بالضبط؟ أنكر كبير المراقبين أنه نطق بمثل ذلك. بيد أن الشرطي أكد أنه نطق غاضبا بكلمات مشينة أعجز حتى أنا عن ترجمتها لقراء هذه الصحيفة المحترمة، وأنا ذلك الكاتب المولع بالفشار والكلمات النابية. لا بد أن يكون أحد الشخصين، الشرطي أو كبير المراقبين، قد كذب، وهي أشنع تهمة توجه في بريطانيا لأي رجل أو امرأة، باستثناء ما يتعلق بالخيانات الزوجية.

لماذا أزج قرائي بهذه المشكلة الخاصة في بريطانيا، وأكثرهم لا يوجد عندهم أي شورى او برلمان، ناهيك بمراقب للبرلمان، والكذب عندنا شيء مباح؟ يهمني هذا الموضوع لأنني مثل السير أندرومشل أستعمل البايسكل (الدراجة) في تنقلي ومجيئي إلى مكتبي في هذه الصحيفة. وكان السير أندرو راكبا البايسكل عندما جاء لمكتب رئيس الوزراء في 10 داوننغ ستريت. ورئيس الوزراء هو مثلي ومثل السير أندرو من ركاب البايسكلات.

وصل إلى هذا الطريق الخاص وانتظر من الشرطي أن يفتح له البوابة الحديدية المهيبة للشارع ليدخل. بيد أن الشرطي أشار عليه بأن يترجل ويمشي بدراجته مع المشاة على الرصيف ويدخل معهم. واحتدم النقاش واغتلى الغضب في نفس النائب والمراقب الكبير، وشتم الشرطي بكلمات نابية لا ينطق بمثلها أي عربنجي، ناهيك بأي بايسكلجي. وتعقد الموضوع وثار النقاش.

وهدده الشرطي بإلقاء القبض عليه.

تعاطفت الصحف ووسائل الإعلام مع الشرطي. وفي بريطانيا يتعاطف الناس دائما مع الشرطة على عكس ما يجري عندنا. ولكنني أجد نفسي في موقع آخر وأتعاطف مع السير أندرو. وأفعل ذلك لا لمجرد التضامن كراكب بايسكل آخر وإنما لأن نظام المرور يقتضي على راكبي الدراجات أن يسيروا في الشارع مع سائر وسائط النقل الأخرى، وليس مع المارة المشاة على الرصيف. وياما تعرضت لمشاكل مع الشرطة عندما وجدوني أسوق دراجتي على الرصيف. أوقفني أحدهم وسألني كم عمرك؟ فالأطفال وحدهم يحق لهم أن يركبوا دراجاتهم على الرصيف. ولم أستطيع أن أكذب عليه وأقول خمس سنين. وبالتالي أعتقد أنه كان على الشرطي أن يفتح بوابة داوننغ ستريت للدراجة الهوائية لكبير مراقبي البرلمان ليسير ويلتقي بالمستر كاميرون في الوقت المحدد للقاء.

وسيسوءني جدا أن آتي ذات يوم على دراجتي الهوائية ويمتنع السيد ريموند، موظف الاستقبال، عن فتح بوابة «الشركة السعودية للأبحاث والتسويق» لأنني جئت راكبا على بايسكل. وربما أقول له شيئا أقبح من كل ما قاله السير أندرو. فحيثما يتعلق الأمر بالشتم والفشار فلا أحد يبز المواطن العربي، لا سيما عندما يكون قادما من العراق.