ما علاقة (الكوكاكولا) بالجبة الأزهرية؟!

TT

من المفارقات أن بعض المشايخ في بلادنا قديما كانوا قد حرّموا شرب (الكوكاكولا)، واعتبروها شرابا مسكرا، في حين أن الشخص لو شرب منها بدلا من الزجاجة الواحدة صندوقا كاملا فإن رأسه سيظل في مكانه ولن يترنح، إلا أن بطنه في المقابل سوف ينتفخ وقد يصاب باضطراب معوي.

والغريب أن هذا المشروب وغيره من المشروبات الغازية اخترعت في أميركا، وانتشرت في الأسواق في الفترة التي كانت فيها الخمور محرّمة - أو بالأحرى كانت ممنوعة - في تلك البلاد.

وقد صنع هذا الشراب عام 1886، أي أنه أكبر عمرا من أي إنسان على وجه الأرض اليوم، وهو أقدم عهدا من السيارة والطيارة والراديو والسينما.

وبما أنني سوف أتحدث عن (الكوكاكولا)، فلا بد أن احتاط لكي لا يتهمني أحد بأن لي مصلحة في الحديث عنها أو الترويج لها، وعلى هذا الأساس أقر بأنها لا تستهويني، ولا أتعطاها، وأنني أفضل عليها عصير الجزر و(الخروب) وبعض قطرات من ماء (اليانسون).

والذي اخترعها رجل صيدلاني في مدينة (أتلانتا)، كان يحاول توليف شراب يخفف من السعال، واستلطف طعمه، وأضاف له قليلا من الصودا، ثم ذهب به إلى مقهى مجاور ليتذوقه زبائن المقهى، فأعجبهم واقترحوا عليه أن يضعه في براميل ويبيعه على الناس بالأكواب، واحتار في تسميته، فقال له صاحب المقهى: «بما أنه من ورق الكوكا وجوز الكولا فعليك أن تسميه (كوكاكولا)»، وشاركه صاحب المقهى بالثلث.

وبدأت القافلة تسير، غير أنه مرض واحتاج إلى مبلغ من المال للعلاج، فاضطر أن يبيع ثلثاً من حقه بمبلغ (1200) دولار، وبعدها وهو على فراش الموت باع من أجل أولاده الثلث الباقي بـ(5500) دولار، ولو أنه احتفظ فقط بـ(10 في المائة) منها لنال ورثته الآن مليارات الدولارات.

غير أن الذي اشترى هذه المادة منه واسمه (كاندلر) باعها سنة 1919 بـ(25 مليون) دولار، وكاد يجن عندما وجد أن من اشتراها منه قد باعها في أوائل الأربعينات بـ(150 مليون) دولار، وقيمتها السوقية الآن تقدر بمئات المليارات.

واليوم تعتبر هي المشروب الغازي الأول في العالم، واسمها وماركتها المسجلة إن لم تكن الأولى فهي قطعا من الثلاث الأولى في العالم، ومصانعها المنتشرة في كل دول العالم تقريبا رغم كثرتها (تكاد لا تعد وتحصى).

وأول مرة شربتها عندما كنت في أولى ابتدائي، أخذت (القارورة) بيدي الاثنتين الصغيرتين، ومن شدة لهفتي وحماستي كأي طفل بدوي وقع بين يديه (مغنم)، أخذت (أقربعها) دفعة واحدة، غير أنني لم أصل إلى ربعها حتى كادت أنفاسي تتقطع، ومن فوران الغاز في بطني (تجشأت)، ثم خرجت الكوكا منهمرة من (خياشيمي) وكدت أشرق بها.

كل ما ذكرته (كوم)، ومسمى الجبة التي يلبسها الطالب أو الشيخ الأزهري والتي يطلق عليها اسم (كاكولا) كوم آخر، وإنني على أتم الاستعداد أن أخسر يوما ونصف يوم من عمري لأعرف سبب هذه التسمية.

هل من أطلق عليها تلك التسمية كان يحب شرب الكاكولا؟! أم أن الجبة بلونها الداكن عندما يلبسها الشيخ يبدو منظره للمشاهد من بعيد وكأنه يرى أمامه زجاجة كاكولا تمشي على قدمين، لهذا سموها بذلك - الله أعلم.

وإنني أرجو ممن يكون له علم بذلك أن يخبرني به، وله مني الشكر الحار، وفوقه زجاجة كاكولا (مسقعة) - أي باردة.

[email protected]