«سَريَنة» إيران بدلا عن «أَيرَنة» سوريا

TT

ضمن أكثر من 700 موقف من المواقف التي اتخذتها سلطات النظام الإيراني في إطار قرار حذف اسم منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية من قائمة المنظمات الإرهابية للخارجية الأميركية - وعدد هذه المواقف يشير طبعا إلى حجم الهزة التي وقعت على نظام ولاية الفقيه من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه - هناك مواقف وأخبار تدور في دائرة كابوس السقوط والفزع والرعب وجنون الرجعية الحاكمة في إيران، مردها تلك الأخبار المتعلقة بما يقال ويدور من أحاديث عن وجود عناصر من «مجاهدين خلق» في سوريا.

وكتبت جريدة «قدس» التابعة للولي الفقيه في إيران: «إن (مجاهدين خلق) أجبروا أسيادهم على أن يخرجوهم من قائمة الإرهاب!.. وإن المهمة التي كلفوا بها الآن هي الوجود في سوريا.. وإن هذه الزمرة قبلت هذا الدور وهذه المهمة ودخلت إلى سوريا.. وعليه تم إخراجها من قائمة الإرهاب.. وإن هناك مصداقية ومنطقية في هذا الشأن من حيث إن هذه العناصر، إيرانية تجيد اللغة الفارسية، فإنهم سيقدمون أنفسهم على أنهم قوات عسكرية إيرانية دخلت سوريا سعيا لتحقيق هدف التحريض وممارسة حرب نفسية ضد نظام الجمهورية الإسلامية، والتأكيد أمام الرأي العام العالمي أن الإيرانيين يتدخلون عسكريا في سوريا»!

لا تستغربوا ونحن لا نزال نطالع جريدة «قدس» التابعة للولي الفقيه، حيث تتابع ترهاتها قائلة: «هذه الزمرة قادرة على الاستفادة من تجربة الحرب العراقية الإيرانية، ولديها القدرة الاحترافية المهنية في الشؤون العسكرية.. وإن المهمة الأخرى لـ(مجاهدين خلق) هي أخذ موضع قدم في الحرب الاقتصادية ضد هذا البلد.. كما أن هناك محاولات للاستفادة من هذه الزمرة إبان إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران في يونيو (حزيران) 2013. إن هؤلاء الأشخاص لديهم تجربة جيدة جدا في الشأن السوري ويتمكنون بسهولة من التسلل داخل المجموعات هناك. ومن المحتمل أن تتصاعد الإجراءات الإرهابية، وعليه يجب أن نكون حذرين أكثر، وتنبؤنا هو أن دورهم سيكون أكثر بروزا في الشأن السوري.. يريدون الاستفادة من هؤلاء الأشخاص من خلال دورهم كخبراء في الإطار التدريبي العسكري لكي يقوموا بتدريب سائر القوات الإرهابية ليتمكنوا من تنفيذ هذا الدور، وهذا يتطلب أشخاصا أقوياء».

نحن لا نقصد هنا الدخول إلى كمية وكيفية الأخبار المذكورة ومدى صحتها من عدمها، لكن الحقيقة الجلية التي نخرج بها من خلال هذه المواقف هي حالة الفزع التي تحيط بالولي الفقيه خامنئي وحرسه الثوري، وخوفهم اللامتناهي من إلغاء التهمة الرجعية الاستعمارية الإرهابية عن «مجاهدين خلق»، حيث أصبح من الممكن مشاهدة الهزات المبكرة لسقوط نظام الجهل والجريمة ما بين أسطر ادعاءات ومزاعم وتخرصات الحرس الثوري الإيراني بوضوح وبشكل ملحوظ. ونظرا للتركيبة الخاصة لنظام الملالي واعتماده في الأساس على تصدير الرجعية والإرهاب من جانب والقنبلة الذرية من جانب آخر، فإن موقف الشعب الإيراني ومنظمة «مجاهدين خلق» سيكون في جميع الجوانب في النقطة المقابلة لموقف هذا النظام لأسباب واضحة استراتيجية وجيوبوليتيكية. ومن الطبيعي أن يكون موقفهم في الظروف الحالية مؤيدا داعما من الشعب السوري الذي يقدم يوميا الضحايا من أجل الخلاص من ظلم السفاح في بلدهم.

لقد أعلن نظام الملالي أكثر من مرة وعلى الملأ أن النظام السوري الحالي يعتبر مسند ظهره، والرصيد الاستراتيجي لوجوده وبقائه. ومن الواضح جدا أن عملية إسقاط الديكتاتور السوري تعتبر جزءا من عملية إسقاط الاستبداد الرجعي الحاكم في إيران. كما أن الشعب السوري بمظاهراته اليومية واحتجاجاته المستمرة يطالب بإسقاط نظام الملالي في إيران.

إن الولي الفقيه وحرسه الثوري والعناصر المجرمة في قوة القدس الإرهابية يريدون «أيرنة سوريا»، أي أن يخمدوا شعلة الثورة ببسط المشانق والاعتقال والتعذيب وتحويل سوريا إلى إيران أخرى. أما في الجهة المقابلة، فإن الشعب الإيراني وفي طليعته «مجاهدين خلق» يريدون «سرينة إيران»، أي أن يحولوا إيران إلى سوريا أخرى. إن السقوط المرتقب للنظام السوري سيعبد الطريق أمام الشعب الإيراني.. مع فارق أن القوة الثورية الكامنة والعالية جدا في إيران والمقومات السابقة التي تعود جذورها إلى نضال وتجربة لأكثر من 100 عام، ستجعل نهاية هذه المعركة، أسرع مما يُتوقع، بانتصار الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية المظفرة.

* خبير استراتيجي إيراني