لا أدري ما أصفه به؟!، إن قلت عنه طبيب نفساني فهو كذلك، أو مدرب رياضي فلا أبتعد كثيرا، أو إنه مجرد أفاق يبيع لنا الوهم فهذا احتمال وارد.
والحكاية وما فيها أن أحد معارفي لاحظ ذبولي واصفرار وجهي فسألني: ماذا بك؟!، فقلت له: إنني منحط، ولأنه تفاجأ من جوابي نهرني قائلا: لا تصف نفسك بهذه الصفة، ولكي أصحح فهمه قلت له: إنني منحط عاطفيا هذه الأيام وليس أخلاقيا، وهذا هو ما يجعل النوم يطير من أجفاني ولا تقبل نفسي الطعام والشراب، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولكن إذا أردت نصيحتي فعليك أن تذهب لعيادة الدكتور (........) فهو الوحيد تقريبا الذي يستطيع أن يخرجك من حالة الانحطاط التي تعانيها - وأعطاني العنوان -.
وفي اليوم الثاني ذهبت إلى هناك، وقابلني وشرحت له حالتي، فقال لي: ليس لك علاج إلا عن طريق (الآيكيدو)، وعندما استفسرت منه عن ماهيتها قال: (Ai) كلمة يابانية تعبر عن الشعور بروابط حقيقية بين الناس وهي تشكل المقطع الأول من كلمة (Aikido) آي تعني الانسجام، والتوازن، والتناغم، والتفكير، والتواصل، والحب، وهي كذلك ممارسة ودراسة لمدى واسع من الحركات الجسدية ومتى أحسنت أداء تمرين الـ(خطوتان)، مخصصا عشرين دقيقة يوميا للتدرب وإتقانه، فلسوف تجد له الأثر الإيجابي المحمود على كيانك بدنيا، وعاطفيا، وروحيا، وتنظيميا.
وما إن انتهى من كلامه حتى أحسست أن (طاقة القدر) قد فتحت أمامي، فصحت به لاشعوريا: (ايدي بزنارك) دخيلك عالجني (بالآيكيدو).
فقال لي بهدوء: إنه مجرد تمرين بسيط تستطيع أن تمارسه لوحدك في المنزل، وسوف أكتبه لك الآن (كروشتة) علاج، وأخذ ورقة وكتب فيها ما يلي:
إن أول ما تبدأ به حركة الدوران ويداك أمامك مباشرة، وأصابعك مسترخية، وذراعاك مسترخيتان ومنحنيتان قليلا، بعيد عن جسدك عند مستوى سُرتك تقريبا، وإذا بدأت التمرين متقدما بقدمك اليسرى أمام اليمنى، وجسمك في حالة استرخاء، فمد يدك اليسرى لتتقدم على اليمنى قليلا وقم بأداء تمرين الخطوتين انطلاقا من هذا الوضع، من جديد.
عند قيامك بالدوران، ضع يدك اليسرى قريبا من مقدمة ومركز جسدك، واجعل راحة يدك اليسرى وكأنها تمسك بقدح، والراحة متجهة إلى الأعلى ضع يدك اليمنى في قدح اليسرى وأصابعك في الاتجاه المعاكس وعند مواجهتك الاتجاه المعاكس، مد يديك أمامك ثانية الآن سوف تكون قدمك اليمنى باتجاه الإمام، إذا استرخيت، يمكن أن تكون يدك اليمنى تتقدّم اليسرى قليلا.
إذا وجدت أنه قد أغلق عليك فهم ما تقدم بعد الجهد والممارسة، فعليك أن تتصل بي تليفونيا - وكتب رقمه - وقبل أن أخرج دفعت له أجرته مقدما.
وفي منزلي أغلقت على نفسي باب غرفتي، وحاولت بشتى الوسائل أن أطبق تعليماته أو حتى أفهم ما كتبه دون جدوى، وتحولت رياضة (الآيكيدو) إلى نكد حقيقي، فما كان مني إلا أن أمزق (الروشتة) مع رقم تليفون الدكتور، وما نابني غير المبلغ الذي (كعيته) له، إن شاء الله ما يثمر في جثته.
والآن زاد انحطاطي انحطاطا فوق انحطاط.