قفزة خلاقة.. ونطحة كارثية

TT

هناك قفزة إيجابية خلاقة، وهناك قفزة سلبية فاشلة، كما أن هناك نطحة مباركة رائعة، وهناك نطحة مأساوية وكارثية.

لو أنكم سألتموني ما هو الرابط بين القفز والنطح، سوف أجيبكم على وجه السرعة قفزا لا نطحا، عن حوادث واقعية لا يدخلها الخيال لا من يمينها ولا من شمالها، ولا من فوقها ولا من تحتها.

وأبدأ أول ما أبدأ بالبريطاني (أليسون بيرسون) الذي نجح في القفز بمظلته من ارتفاع 13500 قدم ووصل إلى الأرض سالما، لكنه أصيب بجروح بليغة بعد أن نطحه تيس في صدره داخل الحقل الذي سقطت فيه مظلته في مقاطعة (سافوك) والمعد ليكون مرعى لقطيع الماعز الذي يعد بالمئات؛

ونقلوه على وجه السرعة إلى المستشفى في أدنبره بعد أن كسرت له عدة أضلع. وتخيلت لو أن (فيليكس) الأميركي الذي حطم حاجز الصوت من قفزة على ارتفاع 128 ألف متر، ووصل إلى الأرض سالما، لقد تخيلت أو بمعنى أصح تمنيت لو أن هذا (الفيليكس) قد سقط في نفس ذلك الحقل الذي سقط فيه (بيرسون)، ثم أصبح تحت رحمة تيسين لا تيس واحد، وهما من ذوات (قراع الخطوب)، لا شك أنني ساعتها سوف أكون سعيدا، ولا أدري هل هذا الشعور ينم عن (سادية) لطيفة، أم إنسانية مفرطة؟!

وبما أننا لا زلنا في عالم (النطح) وما يتناطحون، ففي إحدى القرى تسلق لص جدران فناء أحد المنازل، وما كاد يستقر داخله حتى فتح الباب الخارجي صاحب الدار الذي رجع في غير موعده لأمر ما، فما كان من اللص إلا أن يدخل غرفة مظلمة ويقبع بها كاتما على أنفاسه، وفجأة وإذا بضربة شديدة تأتيه على ظهره جعلته يتدحرج على الأرض، ومن هول المفاجأة والألم والفجيعة أطلق صرخة عالية سمعها صاحب الدار وقبض عليه، واتضح أن صاحب الدار قد ربط خروفا داخل تلك الغرفة ليضحي به بعد أيام في العيد، ومكافأة منه لذلك الخروف الشهم عتقه من الذبح، ونذر أن يعلفه ويرعاه إلى أن يموت ميتة طبيعية، وكلما حاولت زوجته أن تذبحه، يقول لها: أذبحك أنت ولا أذبحه.

وبعكس تلك النطحة المباركة، كانت هناك أيضا نطحة أخرى ولكنها كارثية، وبطلها هذه المرة عجل سمين ومتعاف، حاول صاحبه مع جماعة أن يطرحوه ويقيدوه لذبحه كضحية كذلك في ليلة العيد، ويبدو والله أعلم أن الحاسة السادسة قد تحركت عنده وعرف أنهم يريدون ذبحه، فجن جنونه فتفلت عليهم وحاس (مريرهم)، وعندما عجزوا عن السيطرة عليه أصابهم الرعب وانطلقوا هاربين، غير أن الثور لم يتركهم في حالهم بل انطلق خلفهم، وأول ما تسلط تسلط على صاحبه، فنطحه نطحة جعلته يرتطم بالحائط ويغمى عليه، وتوالى ينطحه ويعبث به حتى تركه جثة هامدة، ولم يسيطروا عليه إلا بعد أن أطلقوا عليه الرصاص وأردوه قتيلا.

وكان يوم عيد مشهودا، ذهب فيه ضحيتان، العجل وصاحب العجل.

وأنصح من كان لديه عجل أو خروف أو تيس فعليه أن يلزم الحذر، مثلما ألزم أنا الحذر حتى لو كانت التي أمامي هي دجاجة، أو مجرد أنثى.

[email protected]