نصيحة موجهة للرئيس أوباما لفترة رئاسة ثانية

TT

سيدي الرئيس:

ربما تكون فترة رئاستك الثانية فترة اتفاقات ضخمة مع الجمهوريين في أرض الوطن ومع القوى الرئيسية بالخارج (الصين وأوروبا والعرب والإسرائيليين)، وربما إيران أو روسيا. ولكن لتحقيق هذا المقصد، تحتاج إلى القيام بتغيير محوري في طريقة عملك.

بالنظر لكل ما تملكه من مهارات وقدرة على ضبط النفس، لم تظهر في فترة ولايتك الأولى براعة كبيرة في التفاوض. فقد آلت مشاركتك الشخصية العميقة في الجوانب العملية للمحادثات المتعلقة بالميزانية مع الجمهوريين أو دبلوماسية تغير المناخ مع الصينيين إلى فشل ذريع. لقد نبعت نجاحاتك - بداية من تمرير تشريع خاص بالرعاية الصحية إلى قتل بن لادن - من قدراتك التحليلية والمتعلقة باتخاذ القرارات، التي مورست بشكل أحادي الجانب ومن على بعد.

إنك رياضي بارع ولاعب بوكر أيضا. وتتطلب تلك الأنشطة - إضافة إلى طبيعتك المتسمة بالإصرار والروح التنافسية - تحقيق انتصار، لا تسوية مع خصوم تفضي إلى تحقيقهم هدفا يأملونه في نهاية اليوم.

يقود هذا إلى اقتراحي (الذي لن يحظى بالترحيب بلا شك)، ألا وهو اختيار اثنين من المفاوضين أصحاب الخبرة والقدرات لتولي حقيبتي الخارجية والخزانة، ثم السماح لهما بالنهوض بمهمة دعم عملية التفاوض. احتفظ بمكانتك وسلطتك لاستخدامهما فقط في اللحظة النهائية التي تتم فيها الصفقة.

إنك يجب ألا تغرق في التفاصيل من البداية وأن تجعل النجاح مسألة انتصار شخصي رفيع المستوى. في كتابه الأخير «ثمن السياسة»، يشير بوب وودوورد إلى أن هذا تحديدا ما تقوم به في محادثاتك مع رئيس مجلس النواب، جون بوينر. يذكرني كتاب وودوورد بالروايات التي سمعتها في تلك الفترة من مسؤولين أجانب وأميركيين عن أسلوب تعاملك - لنقل الحازم - مع الوفد الصيني في مؤتمر تغير المناخ في كوبنهاغن قبل ثلاثة أعوام، والذي آل أيضا إلى نتائج كئيبة.

لقد زاد نهجك الدبلوماسي الشخصي في الشرق الأوسط على نحو غير واقعي بسقف آمال العرب، ثم حطمها على صخرة الواقع بشكل مفاجئ، بينما أثار عداء الإسرائيليين، وهو ما يعد إنجازا محدودا، ما لم يكن غير مقصود. فيما يتعلق بإيران، نجحت بشكل هائل في ممارسة ضغوط من أجل بدء مفاوضات جادة. لم يثبت كون أحد أكبر النجاحات الرئيسية لإدارتك بالخارج، معاهدة «ستارت» الجديدة مع روسيا، عنصرا أساسيا في توطيد علاقات أفضل مع رئيس روسيا فلاديمير بوتين.

غير أن الظروف تبدو مواتية بالنسبة لفترة رئاسة ثانية أفضل، ويرجع ذلك جزئيا للمواقف التي اتخذتها خلال الأربعة أعوام الأخيرة. إن موقفك من إعادة توازن الوجود العسكري الأميركي تجاه منطقة آسيا يمنحك بطاقات للعب مع القيادة الجديدة في الصين، الأمر الذي يحتاج أيضا لتعاون الولايات المتحدة في تحقيق استقرار التجارة العالمية المفتوحة وإرساء الأنظمة المالية التي تحقق الانتعاش الاقتصادي للصين.

يشير النمو السريع لمصادر الطاقة المحلية هنا في الوطن إلى أنه في خلال خمس سنوات، ستقل حاجة الولايات المتحدة للشرق الأوسط، بينما ستحتاج الصين إلى الصادرات النفطية لتلك، والاستقرار السياسي هناك، بصورة أكبر.

بدأ سكان الصين ممن هم في سن العمل، ومن ثم قدرتها على دعم شبكة أمان أكبر للمواطنين رفيعي المستوى، في الاضمحلال خلال نحو خمس سنوات. ربما يتمثل الاتجاه المالي الأكثر إثارة للاهتمام في الزيادة المتوقعة بقيمة 15 مرة هذا العام - إلى قيمة 8 مليارات دولار - في استثمارات الصين المباشرة في الولايات المتحدة.

بالمثل، تعاني أوروبا من مشكلات مالية تتطلب مزيدا من التعاون مع الولايات المتحدة، في قضايا إيران وسوريا والحكومات الجديدة الناشئة عن موسم الاضطراب في العالم العربي. لقد تضرر اقتصاد إيران ضررا فادحا جراء العقوبات التي فرضتها وجراء الحرب الإلكترونية، مما أجبر آيات الله على الدخول في وضع يتعين عليهم فيه إما التعامل مع الموقف أو شن هجوم. وعلى الرغم من ذلك، فإنه ربما يتعين عليك أن تواجه التحدي الإيراني بضغط عسكري متزايد قبل أن تتمكن من الوصول لاتفاق. مثلما يشير أبراهام سوفير من معهد هوفر في كتابه الجديد «التعامل مع قضية إيران»، فإن إيران استجابت فيما مضى لتعنت الولايات المتحدة، بما في ذلك اتخاذ إجراء عسكري، بقدر أكبر من التكيف.

في مناطق أخرى، يعيد الفلسطينيون والإسرائيليون من جديد اكتشاف النهاية الدموية التي صنعوها برفض محادثات السلام، مثلما يفعلون على الأقل مرة واحدة كل عشر سنوات. ليس من المؤكد ما إذا كانت اتفاقية الدفاع الصاروخي التي ترغب في إبرامها مع بوتين ستتم بالفعل أم لا. أتفهم من مصادر موسكو، بسبب رفض القائد الروسي الوصول إلى تسوية بشأن ذلك الموضوع. غير أن الاضمحلال المستمر لاقتصاد روسيا ودعم بوتين السياسي ربما يجعلانه أكثر طواعية في قضايا أخرى، من بينها السيطرة على الأسلحة والطاقة.

فكرة أخيرة: يمكنك أن تمارس تأثيرا ملطفا على معارضتك المخلصة في الكونغرس باختيار عضو جمهوري خبير لتولي حقيبة الخارجية أو الخزانة (مثلما فعل جون كيندي باختياره دوغلاس ديلون لتولي حقيبة الخزانة). بإمكان بوب زوليك القيام بأي من هاتين الوظيفتين بشكل موثوق به، مثلما استطاع بوب كيميت، للإشارة إلى مرشحين اثنين. بإمكان ذلك أن ييسر مسار أكثر المفاوضات الملحة والمهمة التي ينبغي أن تشرف عليها الآن، بحثا عن وسيلة للخروج من الأزمة المالية.

* خدمة «واشنطن بوست»