مع القانون ومصر لا ضد مرسي

TT

كتب قارئ كريم ما خلاصته: «بالأمس كنت تدعو إلى أن يعطى الرئيس محمد مرسي فرصة، واليوم تحمل عليه». شكرا للاهتمام. واسمح لي أن أوضح: فعل «يحمل» ليس في قاموسي، إلا ما اختاره تعالى لي من أعباء. أما يوم كنت أدعو للرئيس مرسي بالفرص والنجاح، فقد كان ذلك باعتباره أول رئيس مدني ينتخب في مصر بحرية ونزاهة. وشكرا في ذلك، بكل غرابة، للعسكر وللمشير طنطاوي، الذي أول ما فعله الرئيس مرسي، إرساله إلى منزله. وهذا طبعا شأنه، وليس شأني ولا شأنك.

الذي تغير ليس أنا. فإنني ما زلت هنا، في هذه الزاوية، أكتب كل يوم، ويدي على ضميري. الذي تغير، للأسف الكبير، هو الرئيس مرسي. هذا ليس رأيك، ثابتا أو متغيرا. هذا رأي الكثيرين من أصحاب مصر وضمائرها وحراسها، بعضهم من أقدّر عن معرفة وتجربة، ومنهم من أحترم من دون لزوم للمعرفة.

دعني أروِ لك هذه القصة للمرة الأولى. عندما جئت إلى باريس عام 1961 مثل أي فلاح في أجمل المدن، استوقفني ملصق ملون على جدران الشوارع هذا نصه: «ممنوع لصق الإعلانات بموجب قانون 1885». شعرت بارتياح غريب. هذه دولة لا تزال تعمل بقانون سارٍ منذ 76 عاما. وكنت كغريب، وفلاح في المدينة، والمدينة هذه المرة باريس، أسأل الشرطي عن العناوين، وقبل أن يجيب، يرفع لي التحية العسكرية، أنا القاطن في أرخص فندق في الدائرة السابعة. بلا أي نجمة.

ما كان يدهشني ويفرحني كان أمرا مفروغا منه بالنسبة إلى الفرنسيين. فالقانون وضع من أجل الجميع وعلى كل فرد واجب، من الرئيس إلى الشرطي إلى المواطن. اعترضت - مع الملايين - على الدكتور مرسي يوم أعلن نفسه فوق القانون. هذا تحقير للذين اقترعوا له، واحتقار للذين لم يقترعوا. ولم يتبلغ هؤلاء وأولئك أن كلام الرئيس منزل ومعصوم.

قد يكون ما هو أفضل من القانون، لكن ليس ما هو أبسط منه. كتبت بنوده وفقراته وملاحقه بلغة يفهمها الناس، لا أحجيات ولا حزازير. الرئيس مرسي اعتبر القانون حاجبا في القصر الجمهوري. للأسف، ليس القانون حاجبا عند أحد. نحن، كما قال الأستاذ عبد الرحمن الراشد باسم الجميع، لسنا ضد الرئيس مرسي. نحن، جميعا، مع مصر. مع أمانها وعزتها وحرية المصريين.