شباب إيطاليا والعودة إلى القيم المهمة

TT

قد أكون الأقل ملاءمة للكتابة عن الشباب الإيطالي تحت 21 عاما الذين يجلبون الشرف لعلامة «صنع في إيطاليا» ويبقونها عالية، لكن ما حدث في المرحلة الأخيرة للدوري الإيطالي هو أمر مذهل لدرجة تستحق الاهتمام من جانب إداريينا وشجاعة أكبر من جانب المدربين. بالوسكي أهدى الفوز لكييفو موقعا على ثلاثية، وقاد الشعراوي الميلان بثنائية، وهو الأمر ذاته بالنسبة لديسترو مع روما، بينما سجل غابياديني الهدف الفوز الحاسم لبولونيا، فجميعهم لاعبون شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و22 عاما. صحيح أن هذا البلد ليس للشباب، كما هو صحيح أنه حينما يخسر المدرب مباراتين أو ثلاثا يواجه خطر الإقالة، وبالتالي فإنه يسير بالوسيلة الآمنة للفوز، عن طريق أصحاب الخبرة.

أتفهم أنه من الصعب توظيف لاعبين يحتاجون إلى وقت في بلد حيث كلمات التخطيط والإصلاح والتكوين تثير المخاوف. بالطبع مع اللاعبين الشباب ينبغي التعليم والتخطيط والوثوق بطريقة لعبة مهمة يجب أن تدعمهم. مع ذلك صحيح أيضا أنه مع اللاعبين الشباب لا تضر بالميزانيات الاقتصادية، وأن الالتزام والحماس والطاقة بأقصى ما يمكن كما هو حال قدرتهم على التلقي والجاهزية والأداء الوفير. في العام الماضي، ذبح الاتحاد الدولي لكرة القدم الدوري الإيطالي، بوصفه لاعبيه بالأجانب وكبار السن، وفقط قبرص هو الدوري الأسوأ منا من حيث متوسط الأعمار. في الواقع هذا العام يجري استخدام لاعبينا أكثر وهم يستجيبون بأداء متميز وطيب مثلما يؤكد كل من فلورنزي وماروني وإيموبيلي وإنسيني... إلخ.

هل هو ميل عكسي يرجع إلى قناعة أم ضرورة اقتصادية؟ إذا كانت الفرضية الثانية سليمة فإنني أتمنى أن توجد أموال قليلة من أجل العودة إلى القيم المهمة التي يعرفها تاريخنا وثقافتنا التي نسيناها. لا بد أن تكون الدراسة والعمل والتخطيط والتعلم هي أساس مستقبلنا. الاستثمارات في قطاعات الناشئين وطريقة لعب فريدة في المفاهيم العامة ينبغي أن تكون هي الدوافع لإعطاء مدربي فرق الشباب مادة خاما ومن بعدهم الطموحون في لاعبين.

في الثمانينات والتسعينات حتى عام 1995، كانت الفرق الإيطالية أكثر كثيرا من الآن، وكان يوجد فقط ستة وسبعون أجنبيا، وكانت الأندية تسير على نحو أفضل والمنتخبات أيضا. اليوم لدينا 1200 لاعب أجنبي في نزعة عكسية مع أوروبا الأكثر اتجاها للاعبين المحليين (ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وإسبانيا)، الذين قلصوا تأثيرهم بنسبة 15 - 20 في المائة. في التسعينات فزنا بكأس الأبطال (مع فريقين إيطاليين في المباراة النهائية)، وحل الآزوري ثالثا بعدما عاقبته ركلات الترجيح. يجري الحديث كثيرا عن إسبانيا وعن مدرسة الكرة لنادي برشلونة، ذلك الذي يستثمر 45 - 50 مليون يورو سنويا ويعلم منذ سنوات كثيرة مدربين تخرجوا في الدورة التعليمية السوبر (تستمر لعامين تقريبا، وعندنا لاثنين وثلاثين يوما) ويمارسون كرة القدم الشاملة.

يبدأون بالفعل مع الأطفال في سن 12 عاما بالعمل على طريقة التي هي ذاتها الخاصة بالفريق الأول كما هو الحال في التدريبات الفنية والخططية. كم نحن بعيدون في إبحارنا بالرؤية، باستثمارات متواضعة (10 - 12 مليون يورو كحد أقصى وبوجه عام ليس أكثر من 2 - 3 ملايين للنادي) وتكوين قطاعات الناشئين بمدربين لا يعكسون نفس مسار العمل ويجري تعيينهم في مرات كثيرة وفقا للصداقة. لدينا الكثير لنقوم به، ولن نمل ولن نكل.