ماذا يكون رد فعلك لو كنت في مكانه؟!

TT

أعرفه جيدا، فهو من بلد عربي شقيق ويعمل هنا منذ سنوات، صحيح أن مجال عمله يختلف عن مجال عملي، ولكن هذا لم يمنع أواصر الصداقة أن تشتد بيننا، وما أكثر ما التقينا وسهرنا في سهرات كلها تقريبا بريئة ولا تشوبها شائبة.

وقبل عامين سافر إلى بلده في إجازته السنوية المعتادة، وحكى لي الملابسات التي حصلت له هناك، والتي أنقلها لكم بحذافيرها على لسانه، وأرجو ألا يغضب مني، وهو يقول:

شاءت الصدف أن أتعرف على فتاة، وفعل (كيوبيد) الحب فعلته، وتعلقت بها مثلما تعلقت هي بي، واتفقنا على أن أتقدم لخطبتها من والدها، وفعلا ذهبت إليه في مكتبه وتعرفت عليه وشرحت له مقصدي وظروفي، وأمهلني أسبوعا ليسألها ويسأل عني من يعرفني ويعرف عائلتي.

وبعد أسبوع أتاني اتصال منه بالموافقة على أن أزورهم غدا في منزلهم للاتفاق على كل شيء، شكرته وأنا أكاد أطير من الفرح، ولم أنم في تلك الليلة من حرارة الشوق لرؤية خطيبتي.

وفي اليوم الثاني وقبل أن أذهب إليهم، قررت أن أذهب إلى محل حلويات لكي أشتري (تورتة) - فعيب أدخل إلى منزلهم لأول مرة ويدي فاضية.

وهذا ما حصل، وبينما كنت أختار التورتة وأفاصل مع البائع، وإذا بعيني تقع على طاولة من الطاولات المبثوثة، وكاد يغمى علي ولا أدري هل أنا في (حلم أو علم)، حيث إنني شاهدت خطيبتي تجلس مع شاب وسيم، اعتقدت لأول وهلة أنه قد يكون أخاها، ولكنني استبعدت ذلك عندما شاهدت الأيادي وهي تمسد على بعضها البعض، وشاهدت الابتسامات والنظرات والهمسات، حتى اللعب بالأقدام من تحت الطاولة كان لها دور.

فعرفت أنني (طبيت ولم يسمِّ علي أحد)، فغلى الدم في عروقي ولم أتمالك نفسي حتى اندفعت نحوهما كالثور الهائج، وأخذت أعنفها وأصمها بالخيانة، فأخذت هي في البداية تضحك، ولكن ضحكها تحول إلى استنجاد بالحاضرين عندما شاهدتني أدفع الشاب الذي معها حين وقف بوجهي وأسقطته على الأرض، وتدخل الحضور وفكوا الاشتباك، والكل منهم يجزم أنني متخلف عقليا.

لم آخذ (التورتة)، وتوجهت فورا إلى عنوان منزلهم لكي أشرح لوالدها مدى السفالة التي وصلت لها ابنته، دخلت عليهم وإذا بالأب والأم جالسين في منتهى الهدوء، والغريب أن خطيبتي استقبلتني بلهفة وشوق، واستغرب الجميع بل إنهم صعقوا عندما سمعوا شتائمي ووصمي لها بالنفاق والخداع.

وبينما كنت في هذا الحال المتوتر الذي لا يسر عدوا أو صديقا، وإذا بي أشاهد الشاب الذي أسقطته على الأرض يدخل ومعه تلك الفتاة التي هي خطيبته، وتسمرت عيناي، وانقطع حبل صوتي، وفتحت فمي وتدلدل لساني من شدة الدهشة.

واتضح لي أخيرا أن البنتين (توأمتان) من بويضة واحدة من الصعب التفريق بينهما - انتهى.

باختصار: تزوجها وأتى بها إلى هنا، وهي نعم الزوجة، ثقافة وجمالا وخفة دم وأخلاقا، وأنجبت له ابنة (شربات)، عمرها سنة ونصف، ومن حسن الحظ أنها تشبه والدتها.

[email protected]