الكذب الإسرائيلي

TT

ما إن أعلنت الأمم المتحدة نتيجة قبول دولة فلسطين كدولة مراقب وذلك بعد أن تم التصويت الإيجابي لصالح هذا الطرح وبأغلبية ساحقة في الجمعية العمومية وبعد أيام قليلة جدا جاء الرد الإسرائيلي المتوقع لتعلن الحكومة الإسرائيلية عن مشروع استيطاني جديد في قلب الضفة الغربية والقدس (في صميم مناطق السلطة الفلسطينية نفسها).

المشروع الذي يبلغ تعداد وحداته السكنية المزمع إنشاؤها أكثر من 3000 وحدة يعتبر بمثابة رصاصة الرحمة على فكرة مشروع الحل السلمي المبني على مبدأ الدولتين لأن هذا المشروع واختيار الأراضي التي سيقام عليها سيقضي على إمكانية وجود أراض متصلة لتقوم عليها دولة فلسطين وبالتالي يكون تحقيق فكرة السيادة المنطقية مسألة غير واقعية ومستحيلة.

المجتمع الدولي (بما فيه من حلفاء تاريخيين وتقليديين لإسرائيل مثل فرنسا وبريطانيا وغيرهما) حصل لديهم استفزاز هائل جراء تصرفات إسرائيل، واستدعت هذه الدول السفير الإسرائيلي لإبداء الاحتجاج الشديد في سابقة مهمة، وكانت النتيجة أن صرحت إسرائيل على لسان المتحدث الرسمي باسم حكومتها مارك رحيف بالقول: «إن إسرائيل فعلت ما فعلت كردود على سلسلة من التصرفات الفلسطينية الاستفزازية».

إسرائيل مضطربة فهي تعلم أن انضمام فلسطين للأمم المتحدة (حتى كعضو مراقب) سيمكنها من الوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية ورفع قضايا جرائم حرب ضد إسرائيل بسبب قيامها بالتوسع الاستيطاني المخالف على أراضيها المحتلة، وقد لمح أكثر من قيادي فلسطيني مهم إلى هذا الأمر مثل محمود عباس ونبيل شعث مؤخرا.

ولم تكتف إسرائيل بهذا الإعلان الوقح، ولكنها حجزت أكثر من 100 مليون دولار وهي مبالغ مردودات ضريبية والتي تتحصل عليها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية بحسب اتفاقيات مسبقة بينهما، وهذه المبالغ في غاية الأهمية لحكومة محمود عباس لتلبية التزاماتها المختلفة باتجاه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.

ولم تكتف إسرائيل بذلك، ولكنها أوضحت أن خططها الاستعمارية الاستيطانية ستتضمن مباني جديدة في شرق القدس في مواقع أطلقت عليها مسميات يهودية مثل جيلو وبسجات زييف وفي الضفة الغربية في آرييل وجوش اتزيون جنوب القدس، ولكن الأخطر والأهم هو إعلان إسرائيل أنها ستطلق مشروعها الخبيث المسمى بـ«E - 1» وهو عبارة عن 3500 منزل بالقدس الشرقية بجوار مستوطنة ملاصقة في الضفة الغربية تسمى ماكيه أوديوم، وهذا المشروع من الناحية العملية والفعلية سيقطع تماما وكلية القدس الشرقية وهي العاصمة المنشودة للدولة الفلسطينية المستقلة عن الضفة الغربية.

حكومات أميركية متلاحقة ناشدت الدولة في إسرائيل ألا تقدم على هذه الخطوة (وهي خطوة معروفة لمشروع قديم لدى إسرائيل) لأن ذلك سيهدد تماما كل طروحات السلام ومباحثاته.

والرد الإسرائيلي على لسان المتحدث هو القول إن الحكومة الإسرائيلية صرحت بالمضي في إجراءات التخطيط العملي للمشروع، ولكن لم تعط الضوء الأخضر ولا التصريح النهائي للمقاولات والإعمار والإنشاءات فيه حتى الآن.

ولكن لا يمكن إغفال (وبصورة منفصلة) أن إسرائيل أعطت الضوء الأخضر لمشروعين آخرين لبنائهما وإعمارهما في القدس الشرقية والتنفيذ جار العمل فيه بقوة، وفي الأسبوعين المقبلين ستلتقي الجهات التنفيذية في وزارة التخطيط الإسرائيلية لمتابعة تنفيذ هذين المشروعين المعروفين باسم رامات شلومو وجيفات هاماتوس.

رامات شلومو عبارة عن مجموعة مبان سكنية تحتوي على 1600 شقة سكنية، وجيفات هاماتوس ستكون 2600 شقة سكنية. إسرائيل لم تكن يوما جادة في السلام ولم تفعل أيا من الخطوات المطلوبة لهذا الأمر، وها هي اليوم تقدم دليلا جديدا على سقوطها الفج والخبيث في أكاذيبها مرة أخرى، فهل يفيق العالم ليرى ويقتنع؟

[email protected]