أحمد عيد.. منتخبا!

TT

تابع عدد غير قليل من السعوديين أول انتخابات لاختيار اتحاد كرة القدم الجديد، الذي فاز برئاسته رجل يجمع على محبته الكثيرون، هو أحمد عيد الذي تألق كلاعب استثنائي وإداري مميز وكان قدوة لجيل بأكمله في الأخلاق والروح الرياضية. وجرت هذه الانتخابات بصورة أقرب ما تكون للمثالية، تخللتها مشاهد مهمة عن الصرامة في إدارة المسيرة الانتخابية ودقة التعليمات والمسؤولية في اتخاذ القرار بشفافية ووضوح، وهو ما جعل المبادرة الانتخابية هذه تخرج بلا أي اعتراض، ولا تشوبها أي شائبة، وتنال الرضا من الجميع.

يأتي انتخاب اتحاد جديد لكرة القدم بتوجيه مفروض من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على كل الدول، وسط أسوأ نتائج عرفها منتخب كرة القدم السعودي منذ عقود من الزمن، وكذلك يأتي ترتيبه دوليا في التصنيف الدوري الصادر من الاتحاد الدولي للعبة في أدنى المراتب. هذا النوع من المسؤولية المنتخبة يفرض أن يكون هناك نهج جديد في التعاطي مع اتحاد كرة قدم تُصرف عليه مئات الملايين من الريالات السعودية، ومن الممكن أن يكون رافدا اقتصاديا مهما لو تم الاعتناء به بجدارة، وتم الابتعاد عن المجاملات وتطييب الخواطر.

المناخ الرياضي في السعودية ازداد قبحا وتوترا، وبات «كيس ملاكمة» لكل علل المجتمع ومشاكله، فيتم تفريغ شحنات الغضب والقلق في الأندية وفي مجالس الشرف ووسائل الإعلام الرياضية، وهي في كثير من الأحيان تكون لدواعي تصفية حسابات شخصية أولا، بل للاغتيال الشخصي والمعنوي لشخصيات عامة، لكن كل ذلك ينعكس سلبا على المجتمع بصورة عامة، ويظهر حجم من «السوداوية» والغضب الذي لا يمكن قبوله ولا تبريره ولا تفسيره بأي شكل من الأشكال.

السعوديون بإمكانهم تنفس الصعداء لأنهم نجحوا في المرور من امتحان «الانتخابات» لاتحاد كرة القدم، ولكن سيكون تحديا ليس بالقليل الدخول في التفاصيل القادمة الخاصة بتطوير القطاع الكروي الذي صرفت عليه الأموال من دون أن تأتي النتائج بالشكل المرضي واللائق والمطلوب.

التحدي لن يكون سهلا أبدا، لأن هناك عوائق كثيرة وكثيرة، تبدأ من المدارس والحواري والجامعات، وهي جميعا مغيبة تماما عن خطط التطوير. وحتى خطط الاحتراف التي جاءت بها اللجان والإدارات المختلفة لم تأت بأي جديد، بل زادت من الآلام والإحباط والإخفاق، لأن هناك قصورا في التواصل والتنسيق والتخطيط بين الإدارات المعنية المختلفة، مما جعل النتائج مشوهة وغير مكتملة.

كرة القدم انتقلت من مجرد هواية لتضييع الوقت والتسلية والترفيه إلى صناعة تشمل الإعلام والمال والحكومات، حتى بات الفيفا ذا نفوذ وسلطة وحضور وقوة ليست بأقل من الأمم المتحدة نفسها في بعض الحالات بخصوص بعض الأنظمة والقوانين التي يطبقها بقوة وحزم.

السعوديون كانت بالنسبة لهم دوما كلمة «منتخب» تعني فريقا يمثل بلادهم، لكنهم اليوم سيتطلعون للكلمة لتعبر عن كيان يمثل طموحاتهم الكروية لأجل نافذة أمل للتطوير الإداري والإصلاح لقطاع مهم جدا. كل التوفيق لأحمد عيد وفريقه لهذه المهمة الصعبة.

[email protected]