العقل المفعم بالأمل والمحب للسلام

TT

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا قرارا يمنح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة بأغلبية واضحة. واليابان هي من بين الدول التي أيدت هذا القرار. لقد ألحق الصراع العربي الإسرائيلي معاناة لا توصف بشعوب المنطقة لمدة 65 عاما تقريبا، إن التوصل إلى تسوية شاملة ودائمة لهذا الصراع طال انتظارها. لا يمكن لمثل هذه التسوية أن تتحقق إلا من خلال المفاوضات، ولذا، تأمل اليابان بقوة أن تبني كل من فلسطين وإسرائيل بجدية علاقات الثقة المتبادلة، والامتناع عن القيام بأي عمل قد يضر بجهود استئناف مفاوضات السلام، والعودة فورا إلى طاولة المفاوضات.

تؤمن اليابان بقوة بالجهود لبناء الثقة. وإلى جانب الدعم السياسي والاقتصادي المتواصل للفلسطينيين، فإن اليابان تواصل جهودها لبناء الثقة بين شعوب الصراع. تدعو اليابان سنويا الكثير من الفلسطينيين والإسرائيليين إلى اليابان وتمنحهم فرصا للمشاركة في الحوارات بشأن أي مسائل تهمهم. وهم يترددون، في معظم الحالات، من التحدث في البداية، إلا أنهم يدركون ميزة تبادل الأفكار في نهاية المطاف. إن اليابان مستمرة بهذه الجهود منذ عام 1997. وإن بناء الثقة يتطلب عقولا محبة للسلام ومفعمة بالأمل، ورؤى عادلة وواقعية. وإن مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات هو رؤيا بارزة قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بعقله المفعم بالأمل والمحب للسلام. تدعم اليابان بقوة هذه المبادرة وترحب بافتتاح هذا المركز مؤخرا في فيينا بالنمسا على أساس فكرة أن الحوارات تبني الثقة. كانت اليابان وما زالت تبذل جهودا لتعميق فهمها عن الإسلام. لقد تم مؤخرا عقد مؤتمر حوار في طوكيو بعنوان «الحوار من أجل المستقبل بين اليابان والعالم الإسلامي»، بمشاركة الكثير من علماء بارزين من المملكة العربية السعودية ودول إسلامية أخرى وكذلك اليابان.

هناك رؤية أخرى مهمة لتحقيق الأمن في الشرق الأوسط. إن اليابان بصفتها دولة ترغب بشدة في إزالة الأسلحة النووية، وتدعم مبادرة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتتوقع أن يأتي يوم في القريب العاجل تشارك فيه جميع الأطراف الإقليمية المعنية في مناقشات جادة حول هذه المبادرة. وفي رأيي، فإن وجود مثل هذه الأسلحة يزيد المخاطر الأمنية في هذه المنطقة، في حين أن إقامة منطقة شرق أوسطية خالية من أسلحة الدمار الشامل تزيد الأمل في أن تقلل مصادر عدم الثقة بشكل كبير وتحافظ بشكل أكبر على استقرار وسلام عقول الناس. وهناك رؤية أخرى بارزة وهي عادلة لجميع أطراف النزاع. لقد تبنت الجامعة العربية مبادرة السلام العربية منذ أكثر من عشر سنوات على أساس الاقتراح الذي تقدم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. تدعم اليابان بكل إخلاص هذه الرؤية العادلة جدا التي من شأنها أن تسمح لإسرائيل ودولة فلسطين ليس فقط التعايش بسلام جنبا إلى جنب، بل أيضا بالتمتع بعلاقات اقتصادية ذات منفعة متبادلة، وأن تستمر بالتعاون دون كلل مع الأطراف المعنية لتحقيق هذه الرؤية.

إنني أعتقد أن العقل المفعم بالأمل والمحب للسلام موجود بثبات في الطبيعة البشرية، كما يقول العرب «السلام عليكم» ويقول اليهود «شالوم» أولا وقبل كل شيء. إن جميع الصراعات تنشأ عن تحريف يجبر العقول البشرية أن تنسى معنى السلام والابتعاد عن بصيص الأمل. إن كل ما علينا فعله هو تصحيح هذا التحريف، والاستماع إلى ما تقوله طبيعتنا البشرية وأن نتصرف على هذا النحو.

* الوزير المفوض ونائب رئيس البعثة

في سفارة اليابان بالمملكة العربية السعودية.. والآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة آراء الحكومة اليابانية