قضية مستشفى كويتي في طرابلس

TT

قبل عامين جمع رئيس الهلال الأحمر الكويتي برجس حمود البرجس عددا من الأصدقاء والزملاء، ربما لكي نستعيد معا بعض ذكريات العمر. لكنه اختار أن يحملني مهمة «طبية» إلى بيروت. قال لي: «إن الكويت بنت مستشفى خاصا في شمال لبنان، بعد أحداث مخيم نهر البارد، لكن الدولة اللبنانية تتلكأ في تسلم المستشفى. فهل يمكنك أن تحادث الرئيس فؤاد السنيورة في الأمر؟». قلت للصديق العزيز والزميل البارز ذات مرحلة: «إن التحدث إلى الرئيس السنيورة صعب عليّ، فقد قسوت في نقده منذ فترة، والصداقة القديمة معكرة، لكنني سوف أتحدث إلى السيدة بهية الحريري، الغارقة في عمل الخير في الجنوب وفي الشمال، خصوصا في المخيمات الفلسطينية (والآن السورية)».

عندما عدت إلى بيروت اتصلت بأبرز سيدة برلمانية في تاريخ لبنان، وأخبرتها بنص المحادثة مع رئيس الهلال الأحمر الكويتي. واتفقنا على أن تتحدث هي إلى رفيقها في نيابة صيدا. واعتبرت أنني قمت بما كلفت به وحفظت وعدا قطعته. لكن قبل يومين اتصل بي الأستاذ برجس، وقال: «يا معوَّد، هل لديك ثلاث دقائق؟». قلت: «ثلاثون»، قال: «تذكر مسألة المستشفى؟ لقد تحدثت بنفسي إلى الرئيس السنيورة، ثم إلى الرئيس نجيب ميقاتي، وكان ردهما واحدا، وهو أنه على الكويت أن تتكفل أيضا بتشغيل المستشفى لمدة عامين على الأقل، وإلا فإن تسلمه صعب». وشرح أن القانون الكويتي يفصل بين البناء والتشغيل، وهكذا يبقى المستشفى معلقا فيما شمال لبنان في أوج الحاجة إليه. فما العمل؟

قلت له: «إنني لم أتحدث إلى الرئيس ميقاتي منذ تكليفه عملا بقاعدة قديمة هي عدم إزعاج الأصدقاء وهم في المسؤولية. وتربطني مودة بوزير الصحة، لكن بأي صفة يمكن أن أفاتحه في شأن مستشفى كويتي بني وجهز في شمال لبنان؟ ماذا عن دور سفيركم في بيروت؟». قال: «دار سفيرنا الدورة الدبلوماسية كلها، واصطدم بالجدران كلها، والمستشفى قابع في الانتظار».

قلت للرجل الذي أمضى عمرا في تعزيز المساعدات الطبية في الكويت وفي عدد من البلدان العربية: «إنني أعتذر عن هذه الحال، ما بين بلدي وبلد عشت وعملت فيه، لكنني لا أملك كما تعرف سوى قلمي!». قاطعني أبو خالد سريعا: «هذا تماما ما نريد يا معوَّد. جرب قلمك، لعلنا ننهي هذا الموضوع».