الإبراهيمي.. وسيط أو متهم؟

TT

هاجمت المعارضة السورية الأخضر الإبراهيمي، وعامله النظام السوري – كالعادة – بعنجهية. وتحدث المراقبون عن فشله في تحقيق أي خطوة. وقال رئيس المجلس الوطني جورج صبرا إن الإبراهيمي يضيع وقت السوريين ويمدد مأساتهم. وانتقد المعارض عمار القربي، الوسيط الجزائري بألفاظ ولهجة عنيفة.

يقول المثل الشعبي إن «المصلح يأكل ثلثي العلقة». ففيما هو يحاول الفصل بين متلاكمين، تنهال عليه اللكمات. وكل فريق يريد من الإبراهيمي ما يريد. ويريده الآن. والعالم الخارجي يتلهف لرؤية نهاية المذبحة اليومية في سوريا. ودول الجوار تنوء، كما حذر الإبراهيمي، بمأساة النازحين، وعجزها عن مواجهة أوضاعهم.

لذلك يجب أن يتفهم الإبراهيمي تذمر الناس ومشاعرها، آلام ومخاوف وقلق الذين ينتظرون أي مبادرة تفاؤل في هذه الحمى الدموية. لكن ما يصعب تفهمه على أحد هو التهم التي وجهها المعارضون للرجل بكونه ضالعا في تآمر ضد الشعب السوري، أو تلك التهم الساذجة بأنه يسعى إلى أن يصبح أمينا عاما للأمم المتحدة عام 2016. أي وهو في نحو الخامسة والثمانين.

هل يعقل أن يدخل الإبراهيمي في مؤامرة ضد الشعب السوري؟ أن يشارك في تمديد المجزرة؟ حتى المعارضة الغاضبة في إسطنبول، لا يجوز أن تستخدم هذه التعابير الخارجة على أي ضوابط سياسية. فالأخضر لم يختر طوعا البركان الذي دفع إليه. ولم يكن هو من طلب، بل هو من تردد في قبول التكليف.

لكن مهمة الوسيط تتضمن في طبيعتها، الإصغاء إلى فريقي النزاع، بصرف النظر عن مشاعره الخاصة، أو عما يعرف من حقائق. وهو بالتأكيد يعرف أكثر بكثير مما يفصح عنه. لست متفائلا بمهمة الإبراهيمي، فالوساطة مع نظام مغلق ومطلق، محكومة بمنطق العنجهية والاستمرار في القسوة كحل وحيد. ولو كان العامل الإنساني يؤثر في قرار السلطة لظهر ذلك في درعا ولما جُرَّت سوريا إلى هذه المأساة المريعة. بل لما اضطر السوريون إلى أن يوسطوا العالم أجمع فيما بينهم وبين الحكم.

لست مدافعا عن الأخضر الإبراهيمي. فهو في موقع يفسح في المجال لأي كان أن يتناول مهمته وأداءه. ما لا يقبل هو اتهامه بالضلوع في عمل ضد الدم السوري. هذه لغة تتجاوز الجدل أو البحث في تطور مهمته. وتتجاوز الرأي إلى التجني.