نامي وعليك نائمة سلامي

TT

انتهيت في مقالتي السابقة بما قاله الشاعر والأديب أسعد رستم في إلقاء اللوم على الشباب لمجرد أنهم كسالى. لا عيب فيهم ولا علة ولا مرض غير حب الكسل:

لقد تجسم في شبابنا الكسل

فما سوى «تزكة المازا» لهم عمل

أراهم في القهاوي يصرفون سدى

وقتا ثمينا سواهم فيه يشتغل

انتم أصحاء أبدان فلا عوج

فيكم ولا عرج، كلا ولا شلل

أنتم تريدون أن ترقوا بلا تعب

وأن يخر لكم ساجدا زحل

وسبق لي طبعا أن أشرت إلى الأبعاد العميقة التي تنطلق منها روح الكسل والنوم، ومنها العوامل الصحية التي لم يسمع بها على ما يظهر أسعد رستم. بيد أن الشاعر العراقي معروف الرصافي لاحظ بعدا آخر لهذه العلة، بعدا سياسيا حين قال في قصيدة ساخرة شهيرة:

يا قوم لا تتكلموا

إن الكلام محرم

ناموا ولا تستيقظوا

ما فاز إلا النوم!

نعم، لقد لاح للشعراء والمفكرين أن النائمين في المجالس النيابية والبلدية، وفي دواوين الوزارات والمؤسسات، وفي القواعد العسكرية والجوية هم الفائزون في آخر المطاف. هكذا غنى المونولوجست عزيز علي:

يا حسن! يا بعد عيني حسن!

السكوت أحسن يا ولد، أسلم وأأمن!

ليش تطلب لك طلايب وانت من أهل الفطن

وانت تعرف يا حسن، بالصيف ضيعنا اللبن!

وكأني بالمطرب الكبير يقول «النوم أحسن يا ولد»، فهو للسكوت أقصر وأضمن. وفي هذا الصدد بالذات أرسل محمد مهدي الجواهري قصيدة من أروع ما قيل في هذا الشأن، يلقي فيها باللائمة على النائمين المستسلمين لسوء أحوالهم والراضخين للاستبداد في بلده العراق، وما أشبه الليلة بالبارحة:

نامي جياع الشعب نامي

حرسوك أصحاب الطعام

نامي فإن لم تشبعي

من يقظة فمن المنام

نامي على زبد الوعود

يداف في عسل الكلام

نامي إلى يوم النشور

ويوم يؤذن بالقيام

نامي على المستنقعات

تموج باللجج الطوام

نامي على نغم البعوض

كأنه سجع الحمام

نامي فإن صلاح أمر

فاسد في أن تنامي

نامي إليك تحيتي

وعليك نائمة سلامي