وصفة لتحجيم شعبية الإسلاميين

TT

شعبية الإسلاميين لا تخطئها العين في كل الدول العربية، وهي شعبية بنت عليها الحركات الإسلامية مشاريع وصولها للسلطة عبر الانتخابات الرئاسية والتشريعية في دول الربيع العربي، وبما أن سيف الإسلاميين سبق عذل الحكومات في الدول التي وصل فيها الإسلاميون إلى السلطة، فيبقى القلق في بقية الدول العربية التي سال لعاب الإسلاميين فيها لتكرار الانتصار فيها إذا نظمت فيها أي انتخابات.

بمقدور الحكومات الخليجية أن تحجم شعبية الإسلاميين، لأن هذه الشعبية ليست بسبب نجاح برنامجهم في الحكم، فهم لم يختبروا اختبارا حقيقيا، باستثناء تجربة تركيا الناجحة وتجربة السودان الفاشلة، بل شعبيتهم استندت كثيرا على إخفاق الأنظمة الاستبدادية التي كانت تحكم، بدليل أن الانتخابات الرئاسية المصرية حين أفرزت تصفياتها النهائية تنافس المرشحين مرسي وشفيق، كان خيار شريحة ليست قليلة في الشعب المصري الرئيس مرسي، ليس حبا في الإخوان، ولكن كرها في فلول نظام مستبد فاسد وفاشل ومصادم لتدين الشعوب، حتى أن بعض الذين أعطوا أصواتهم للرئيس مرسي بسبب برنامجه المشبع بالمرجعية الإسلامية، أبدوا قلقهم من أن تجربة الإخوان السياسية مختزلة في المعارضة والسجون والملاحقات والاعتقالات.

بمقدور الحكومات الخليجية أن تتقرب أكثر إلى شعوبها عبر محاربة الفساد، وتوسيع المشاركة الشعبية في إدارة شؤون الدولة، وتغيير السياسة الإعلامية نحو المحافظة، وهو محور حديثي اليوم. ثمة حاجة ماسة وملحة إلى أن تراجع الدول الخليجية سياستها الإعلامية لتكون وسائل إعلامها الرسمية وشبه الرسمية أكثر محافظة، ولا تعني المحافظة أسلمتها وتكثيف برامجها الدينية، بل نتحدث عن الحد الأدنى من الحشمة الأخلاقية والفكرية. ما علاقة السياسة الإعلامية بشعبية الإسلاميين؟ العلاقة واضحة، فالشعوب تنفر تجاه أي مادة إعلامية مخلة سواء كانت أخلاقية أو فكرية، وتظن أن الحل بيد المعارضة الإسلامية، فمبادرة الحكومات الخليجية إلى تصحيح أوضاعها الإعلامية تعتبر ضربة استباقية تقلل من وهج نقد الإسلاميين للإعلام الخليجي والذي يلقى قبولا بين شعوبها، وسببا لتقبل برامجها والتصويت لمرشحيها.

والذي يظن أن تفلت الإعلام من القيود سيساهم في ترويج فكر الانفتاح مخطئ، فقد أصر نظام مبارك على مصادمة التدين الفطري لشعبه فرفض أن يسمح لمحجبة أن تكون مذيعة في بلاد الأغلبية الساحقة من سيداتها في القاهرة محجبات، فما بالك في المحافظات الأكثر محافظة؟! فلم تفلح هذه السياسة قط بل أعطت مردودا عكسيا، وفي تركيا استخدم الجيش التركي المتطرف هراوته لفرض التبرج في الدوائر الحكومية والجامعات عشرات السنين، والمخرجات رئيس البلاد ورئيس الحكومة إسلاميان بزوجتيهما المحجبتين.

[email protected]