«أوباما الثاني» الرئيس رقم 44

TT

أدى الرئيس باراك حسين أوباما اليمين الدستورية لفترة رئاسته الثانية للولايات المتحدة الأميركية في حفل تنصيب استمر من الساعة الثانية عشرة من منتصف يوم أول من أمس حتى حفل ساهر وصل إلى منتصف ليلة أمس في البيت الأبيض. وبهذا القسم يصبح الرئيس أوباما هو الرئيس رقم 44 في تاريخ الولايات المتحدة، والرئيس رقم 17 الذي نجح في أن يفوز بالرئاسة للولاية الثانية. وجاء خطاب «أوباما» خارج الطقس المعتاد في مثل هذه الحالات الرئاسية؛ فلم يكن خطابا تعبيريا تقليديا يتحدث عن عظمة الدستور الأميركي أو أهمية النظام الديمقراطي في تاريخ الحياة السياسية، لكنه اصطبغ بصبغة سياسية معاصرة للأحداث الحالية وكأن الرئيس أوباما يريد أن يؤكد على 3 مبادئ أساسية:

1) أنه يدافع عن قيمة الليبرالية التحررية ومنها المساواة في الحقوق، بما في ذلك حقوق من سماهم «بأشقائنا وشقيقاتنا من الشواذ جنسيا»، وهو أمر غير معتاد في حفل تنصيب رئاسي. 2) التأكيد على دعمه اللانهائي «للمهمشين والفقراء والأرامل والمقعدين» ليس من قبيل التعاطف الإنساني أو الصدقة الخيرية ولكن من منظور أنهم أصحاب حقوق أصيلة في الرعاية. 3) أن رؤية أوباما لسياسة الولايات المتحدة الأميركية لهذا العالم المضطرب: «هي أن واشنطن لن تنفرد بقيادة العالم ولن تسعى إلى خوض الحروب في كل مكان»، وأكد على أنها «ستحل خلافاتها سلميا». هذا ما قاله الرئيس أمام مليون مشارك في حفل التنصيب وأمام كاميرات وعدسات وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

ويبقى السؤال: هل يستطيع أوباما الوفاء بهذه الوعود؟

فيما يختص بالمساواة في حقوق أطياف الشعب الأميركي، فإن موضوع «الشواذ» هو قضية سياسية واجتماعية بالغة التعقيد ولها معارضة شديدة داخل القوى المحافظة في الحزب الجمهوري المعارض وداخل مجلسي الشيوخ والنواب، كما أن القوى الدينية الكنسية المحافظة التي يبلغ تعدادها 60 مليونا فيما يعرف بالحزام الإنجيلي تشن حربا ضروسا على هذا الموضوع. ويتشكك البعض في قدرة أوباما على الوفاء بوعوده الاجتماعية في مجالات مقاومة الفقر وتخفيض البطالة وتحسين الرعاية الصحية في ظل اقتصاد مأزوم للغاية يعاني من تراجعات في معدلات الاستهلاك ومنافسة عالمية من المنتجات الآسيوية مما يخفض من القدرة التصديرية للاقتصاد الأميركي. ونأتي إلى الملف الثالث والأكثر تعقيدا وهو السياسة الخارجية التي التزم فيها أوباما بالتسوية السلمية وعدم الانفراد بالقرار ولا اللجوء للحروب. هذا الالتزام يصعب الحفاظ على مصداقيته في ظل اقتراب موعد اكتمال التخصيب النووي الإيراني في النصف الثاني من هذا العام، وفي ظل تدهور الوضع في سوريا، ودخول فرنسا عسكريا على الخط في مالي، واستمرار التجارب النووية في كوريا الشمالية. «أوباما» الثاني عليه أن يثبت قدرته على الوفاء بوعوده في ولايته الثانية، بعدما فشل في الالتزام بها في ولايته الأولى.