الشغف.. القوة الخفية

TT

احتار العلماء في معرفة أسباب انسحاب الطلبة والطالبات من الأكاديمية العسكرية في مراحل مبكرة من انضمامهم إليها، بينما يستمر آخرون بهمة وثبات حتى التخرج. هل هي القوة العضلية للفرد، أم ذكاؤه، أم مهاراته الرياضية، أم أنه شخص «مربوع»، كما تقول العرب، يتحلى بجلد تحمل أعباء العسكرية؟

فتوصلوا إلى أن أسباب استمرارية الطلبة لا علاقة لها بالمعرفة العلمية ولا بالتفوق ولا بالأمور البدنية، وإنما هي تكمن في «الشغف والمثابرة» لتحقيق الأهداف طويلة المدى. وكانت هذه هي خلاصة الدراسة التي توصل لها باحثان من كلية «ويست بوينت» وثالث من جامعة بنسلفانيا ورابع من جامعة ميتشغان الأميركية.

الشغف هو أقوى أنواع الحب، ولذا تجد الشغوف بعمله أو أهدافه لا يكل ولا يمل، بل يصبح مضرب الأمثال في دأبه ومثابرته وصلابته في مواجهة التحديات. وبهذا، يكون الشغف وقود الإنتاجية والإبداع، فهو الذي يجعل المرء يسهر الليالي الطوال لتحقيق مبتغاه.

ولا يمكن أن أتخيل أن يكون أحد أهداف الإنسان الحياتية بعيدا عما هو شغوف به. لأن الهدف إذا شغف به الإنسان سكن في قلبه وسيطر على تفكيره، فيدفعه هذا الحب إلى الأمام، بقوة لا يمكن أن يستوعبها من لم يذق حلاوة الولع أو الشغف بالشيء. ولذا، نجد أن عبارة «قد شغفها حبا» في القرآن الكريم أبلغ وصفا لشعور زوجة عزيز مصر تجاه سيدنا يوسف الذي أوتي شطر الجمال، لأن حبه قد «دخل شغاف قلبها» أي غلافه أو باطنه. فعندما يستقر حب الشيء في باطن القلب نفهم عندئذ لماذا لا يكترث المرء لمضي الوقت سريعا أو لانتقاد الناس من حوله وهو عاكف على إنجاز أمر يحبه.

غير أن الشغف سلاح ذو حدين، فهناك من هو شغوف بالسرقة أو البطش أو الاستبداد أو الانتقام أو بالمشي في النميمة في أروقة العمل ونصب المكائد لزملائه. هنا، نكون أمام شخصية غير سوية، تحتاج إلى علاج نفسي أو عقوبة رادعة، عله يعود إلى رشده.

الشغف عموما نعمة، خصوصا إذا ما قرن بالمثابرة ونشر الخير عبر أهداف نافعة، حينها فقط يكون هذا الشغوف شخصا يستحق أن يشار إليه بالبنان في المجتمع.

[email protected]

[email protected]