الأميركان والدور الإيراني؟

TT

على مقهى في شارع عربي، جلس الناس، يتابعون بعدم اكتراث نشرة الأخبار على شاشة إحدى الفضائيات، وأخذوا يخففون من حالة الاكتئاب العام التي أصابتهم عبر هواء النارجيلة. وبينما يحاول العبد لله ارتشاف كوب من الشاي بالنعناع الأخضر كي يهدئ أعصابه، اقتحم عليّ عزلتي مواطن غاضب.

المواطن: يا أستاذ، يا أستاذ، عاجبك كده، الأميركان يقولون إنهم لن يقوموا بضرب إيران، ولا يعرفون متى يسقط النظام في سوريا!

ماذا يعني ذلك؟

العبد لله: ببساطة هذا يعني أن الأميركان لديهم أولويات أخرى أهم من إيران وسوريا.

المواطن: أية أولويات أهم من هذه الأخطار المحدقة بالعالم والمنطقة؟

العبد لله: الاقتصاد يا سيدي.

المواطن: أي اقتصاد هذا الذي تتحدث عنه؟

العبد لله: اقتصادهم المأزوم، تلك هي قضية القضايا بالنسبة لهم وهي تحتل سلم الأولويات من رقم واحد إلى عشرة.

المواطن: ما هو أثر الاقتصاد على السياسة الخارجية؟

العبد لله: السياسة الخارجية دائما عندهم في خدمة المصالح الاقتصادية، فلا معنى لسياسة خارجية لا تحقق أي مصالح أو منافع.

المواطن: ولكن لماذا تحركوا بسرعة في ليبيا؟

العبد لله: ليبيا دولة بترولية، ولو كانت سوريا إحدى دول النفط لتغير الموقف الدولي كله منها.

المواطن: إيران أيضا، واحدة من أكبر الدول المصدرة للبترول، فلماذا لا يتحركون؟!

العبد لله: إيران لديها جيش نظامي كبير، وصواريخ متوسطة وطويلة المدى ذات رؤوس تدميرية.

المواطن: وهل قوة إيران في جيشها؟

العبد لله: ليس في قدراتها العسكرية فحسب، ولا في سلاح بحريتها القادر على إغلاق مضيق هرمز، ولكن الأزمات القادرة على تحريكها في المنطقة.

المواطن: اشرح لي أكثر.

العبد لله: إيران تملك مفاتيح أساسية في جنوب لبنان، في حماس، في الحوثيين باليمن، في البحرين، في العراق، وفي سوريا. وهي تستطيع تسخين أو تهدئة هذه الملفات وقتما تريد بالأسلوب الذي يخدم مصالحها.

المواطن: وما هو سر قدرتها على إدارة هذه الملفات؟

العبد لله: المال أو البترودولار يا صديقي الذي يتم تحويله شهريا بشكل منتظم من قنوات الحرس الثوري الإيراني لأماكن التوتر في المنطقة.

المواطن: هل تريد أن تقنعني أن طهران لديها قدرة مالية أكثر من واشنطن.

العبد لله: لا. الاقتصاد الإيراني هزيل إذا ما قورن بالاقتصاد الأميركي، ولكن في طهران تستطيع أن تنفق كما تشاء أما في واشنطن فالقرار مقيد للغاية!

(انتهى الحوار).