الغفوة المباغتة!

TT

وقع قائد طيران هولندي في ورطة كبيرة عندما استأذن مساعده للذهاب إلى دورة المياه وبعد عودة «الكابتن» لم يتمكن من فتح باب قمرة القيادة، ولم تفلح محاولات قرعه للباب ولا نداءات الاتصال الآلي بمساعده! وبعد جهد جهيد نجح الكابتن في دخول «الكابينة» ليجد مساعده وقد غط في سبات عميق بعد غفوة مفاجئة داهمته! وهو ما كشف عنه تقرير فصلي لهيئة السلامة الهولندية نشر قبل أيام.

والأمر نفسه حدث مع قاض اضطر إلى تقديم استقالته بعد ضغوط مورست عليه في أعقاب فيديو قصير بث في الإنترنت وشاهده نحو 140 ألف شخص وهو نام خلال محاكمة جنائية مهمة.

الغفوة غير المقصودة أمر طبيعي لكنها في بعض الأحيان تكون مرتبطة بحياة أو مستقبل أناس أبرياء، كمن يقود حافلة أو قطارا أو سفينة فيعرض حياته وحياة الآخرين للخطر. وهذه الغفوة أيضا قد تفوت على أحدنا معلومات مهمة كانت تتناهى إلى أسماعنا لكننا لم نكن ننصت إليها جيدا بسبب محاولاتنا مغالبة نوبات النعاس.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ما أسباب تعرضنا لهذه الغفوة المفاجئة في غمرة تأديتنا لمهامنا الوظيفية؟ سؤال حاولت طرحه على الطبيب الشهير د.أحمد باهمام أستاذ الأمراض الصدرية وطب النوم بكلية الطب في جامعة الملك سعود والذي نشر أبحاثا متنوعة، ويترأس مركزا متخصصا لعلاج اضطرابات النوم، فقال إن من أسباب النوم أو الغفوة المباغتة «قد يكون وراثيا» وقد يكون بسبب «عدم أخذ قسط كاف من النوم». وهنا أشار إلى مسألة مهمة، وهي أن كثيرا من الناس تظن أن هناك عددا محددا لساعات النوم لكن في حقيقة الأمر فإن مسألة النوم تتوقف على الشخص نفسه. فعلى الرغم من أن معدل النوم المثالي السائد لدى الناس هو 6 - 7 ساعات ونصف الساعة، إلا أنه ثبت أن أديسون مخترع المصباح الذي أنار حياتنا كان يكتفي بنوم 4 ساعات ولم يمنعه ذلك من تحقيق اختراعه الشهير. وكان أينشتاين مكتشف قانون النسبية لا يرتاح إلا بنومة تمتد إلى 10 ساعات متواصلة!

ويرى استشاري النوم السعودي د. باهمام أن مقياس النوم المريح هو مدى حيوية الفرد ونشاطه في النهار فإن كان يشعر براحة بعد مقدار نوم معين فقد يكون هذا كافيا له طالما أنه لا يتعرض لنوبات النوم أو ما سميته في هذا المقال «بالغفوة المفاجئة».

وجودة نومنا مسألة مهمة للغاية لأنها تؤثر سلبا أو إيجابا على سائر الأنشطة. إذ أثبتت دراسات عدة أن قلة النوم تضعف إنتاجية الفرد، وتعكر مزاجه، ولذا فإننا نلاحظ أن إنتاجية ساعة واحدة لشخص أخذا قسطا مريحا من النوم تساوي ثلاث ساعات من إنتاجية شخص متململ، مشتت الذهن، مضطرب المزاج ليس لسبب سوى أنه لم يكرم جسده وعقله بنوم عميق فتجده طوال ساعات النهار أسيرا لتلك الغفوات المباغتة.

[email protected]