من أجل أن تضحك مصر

TT

تقول «الأهرام» إن خسائر «المليونيات» بلغت حتى الآن 320 مليار جنيه وإغلاق أكثر من أربعة آلاف مصنع. وقد يكون الرقم زائدا أو ناقصا. لكن، إذا كان مليونا شخص قد نزلوا إلى الشوارع لأنهم عاطلون عن العمل فهذه كارثة، وإذا كانوا قد تركوا أعمالهم فالكارثة أعظم. وهناك ما هو أعظم: أن تعتاد مصر أن هذه هي الحياة الطبيعية، أو من أجل ذلك قامت الثورة، أو أن الملايين ليسوا سوى فلول.

الجزء الأكبر من أخبار مصر مقلق، مثله مثل الأخبار في جميع بلدان العرب، لكن الصوت قوي في مصر والصدى أقوى. وما بين الصراع والحرائق ونزول «الألتراس» و«البلاك بلوك» إلى الشوارع ومحطات القطار وعرقلة حياة الناس، أطلت القوى التي تريد أن تغير وجه مصر.

قطع رأس تمثال طه حسين في ساحة المنيا، كان شبيها بطعن نجيب محفوظ في عنقه. عندما يصبح الفكر هو العدو، يعني تجريد مصر من إماراتها: إمارة الشعر وعمادة الأدب وإمارة الرواية. فأي إمارة سوف تعلن بدل ذلك.

نتذكر قصيدة نزار قباني في عميد الأدب العربي:

يا أمير الحروف.. ها هي مصر

وردة تستحم في شرياني

آه يا سيدي الذي جعل الليل

نهارا والأرض كالمهرجان

ارم نظارتيك كي أتملى

كيف تبكي شواطئ المرجان

ارم نظارتيك ما أنت أعمى

إنما نحن جوقة العميان

الذين حاصروا مدينة الإعلام ومنعوا قضاة المحكمة الدستورية من دخول المبنى وطالبوا بمحاكمة الفنانين واتهموا الفنانات بأسوأ التهم ولم يستطيعوا على طه حسين سوى رأس تمثاله، ليسوا في «الحرية» ولا في «العدالة». ثمة وسائل أخرى للنقد الأدبي والنقاش الفكري.

كأنما كل هذه المحزنات من مصر لا تكفي، فطالعنا الأستاذ أحمد بهجت في زاويته اليومية «نص كلمة» في «أخبار اليوم» بأنه والرسام مصطفى حسين يتشاركان يوميا في وضع فكرة الرسم الكاريكاتيري.

هو من غرفة العناية المركزة حيث يعاني ضيق النفس، وعملاق الكاريكاتير المصري من المستشفى في أميركا، حيث يعالج من المرض الخبيث. مصريان يصران على إضحاك أبناء البلد عبر القارات والألم والقلقيْن، الشخصي والعام.