حمى الله البحرين وأهلها

TT

الحديث عن البحرين والأحداث التي تحصل فيها بين تارة وأخرى يجب أن يكون دقيقا وموضوعيا لنقل الصورة بالأمانة المطلوبة حتى تفي بالغرض المطلوب.

البحرين، وبحسب موقع ناقل الخبر منها، على الأغلب يقع الخبر فيها بين الموتور الذي يقول إن «الشعب كله» يطالب بتغيير النظام لأن «النظام دموي وقاتل ومجرم»، وإن ما يحدث في سوريا هو «تماما ما يحدث في البحرين»، وفريق آخر ينكر تماما وجود أسباب لاعتراض المعارضة أساسا وأن هذه المعارضة هي أداة عميلة ومزروعة في خاصرة البحرين غرضها خبيث ومدمر. وبالتالي كان الحديث عن البحرين هو بمثابة حوار الطرشان تماما، لا غاية منه سوى أن يثبت كل فريق أنه على حق مع إنكار تام في موقع مصلحة البحرين، وبالتالي يجب أن أكون في موقع الحدث لأعرف ما يحدث شخصيا دون الاعتماد على أطراف أخرى.

أدعي أنني أعرف البحرين وأن لي علاقات شخصية فيها مع فصائل مختلفة وقطاعات مختلفة، وأزورها بلا انقطاع منذ أكثر من ثلاثين عاما. وأرى تماما أسبابا وجيهة لوجود اعتراضات لدى بعض الشرائح من المواطنين البحرينيين تتعلق بتحسين الأداء الحكومي ومحاربة الفساد والمحسوبيات والتكتلات داخل بعض المؤسسات في الدولة، وهي كلها علل وأمراض موجودة في كل الدول العربية وليست البحرين وحدها في ذلك الأمر الدقيق، وبالتالي لا يمكن القول إن البحرين بلا أسباب وجيهة لوجود اعتراضات ومعترضين، ولكن القول السخيف بأن البحرين مثل سوريا هو ليس فقط مبالغة ولكنه كذب صريح وفج.

سوريا فيها نظام يقوم بالمذابح بحق شعبه بلا توقف لأجل التخويف وإثارة الذعر حتى يتمكن من تكريس الحكم بشتى الطرق حتى كان له ما أراد بالإخراج الكوميدي للتوريث الساخر من الأب إلى الابن الذي كان سابقة مشينة، وطبعا توجت بأحداث القتل والدمار غير المسبوقة من هذا النظام بحق شعبه الأعزل.

من المؤكد أن «شكل» المعارضة البحرينية أخذ شكلا مغايرا وتحول إلى أسلوب استفزازي، ورفعت سقف المطالب المتجاهلة للأطراف الأخرى من الشعب البحريني منذ قيام الثورة الخمينية في إيران، التي جعلت من «استقلال» أو «ضم» البحرين أحد الأسباب المهمة للثورة الإيرانية، وهي لا تتوانى عن تأكيد ذلك بتسريبات وتصريحات وتدخلات صريحة في الشأن البحريني بشكل مستمر ومستفز، وكان ذلك واضحا جدا من خلال رفض الطرف المعارض المشارك في جلسات الحوار التي أطلقتها الحكومة البحرينية لأطراف المعارضة مع الحكومة في أن تدين التصريحات الإيرانية وتدخلها في الشؤون البحرينية، وكذلك رفضها أن تدين العنف في البحرين، وهي مسائل ليست بحاجة إلى الكثير من الذكاء عن أسباب هذا الرفض، وبالتالي اتضح الموقف وتحالف هذا الفريق مع إيران وأجهزة المخابرات الثورية بها وأهدافها التي باتت معروفة وليست بحاجة إلى أن تعرف.

البحرين فيها مجاميع تقدر بمئات الآلاف تعترض على توجه المعارضة، وتعتبر أن التصعيد الذي تقوم به المعارضة هو تدمير للبلاد وسمعة البلاد وأمان البلاد وتدمير لاقتصادها وقوت ورزق أبنائها، في ظل اقتصاد يعتمد فيه بشكل أساسي على عنصر الأمن والاستقرار، ولا يمكن أن يستمر النمو في ظل غياب ذلك أو تهديده، وهو ما يحصل.

البحرين بحاجة إلى عقلاء من كل الأطراف، وحتما من يحلل الأمور بأنه لا يوجد سبب للاعتراض، أو من يدعي التحدث بأن لديه كل مطالب كل المعارضة، هما على فراق، والبحرين تستحق أفضل من كليهما للحديث باسمها. نسأل الله أن يهدي إليها من يكون ذلك، فهي تستحق أفضل.

حمى الله البحرين وأهلها.

[email protected]