الطائرات من دون طيار: سلاح بحاجة إلى قواعد واضحة

TT

قدم السيناتور راند بول بعض التحذيرات المشكوك فيها حول غارات الطائرات من دون طيار على مقاهي سان فرانسيسكو في محاولة هذا الأسبوع لتعطيل التصديق على تعيين جون برينان مديرا لوكالة الاستخبارات. لكن مناقشته الأوسع لقيود أوضح على الطائرات من دون طيار صحيحة من دون شك.

ينبغي أن لا تكون معركة بول مع برينان، الذي قال، بصفته مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إنه لن تكون لديه سلطة قانونية للتصريح باستخدام الطائرات من دون طيار. يستحق برينان الذي كان يحاول صياغة القواعد القانونية لاستخدام الطائرات من دون طيار، التصديق على تعيينه، كما فعل يوم الخميس. ولم تكن هذه أيضا معركته مع المدعي العام إريك هولدر، رغم استخدامه لغة مضطربة في رسالته التي بعث بها في 4 مارس (آذار) ردا على استفسارات بول.

حقيقة، هذا نقاش مع الضمير الأميركي حول أي الأفعال التي ينبغي السماح بها مع انتقال الحرب على الإرهاب لمرحلة جديدة. يمكن للقانون أن يتناول هذا النقاش بشأن القتل المستهدف، لكن كما هي الحال بشأن النقاش حول التعذيب، ينبغي على القادة السياسيين تحديد ما إذا كان العمل ينبغي أن يكون قانونيا من الناحية التقنية أو فاعلا، أم خاطئا أخلاقيا ومن ثم غير جائز.

لقد نسينا كيف أفسدنا هذه المعايير الأخلاقية خلال العقد الذي تلا خوض أميركا الحرب ضد «القاعدة» وأصبحت الطائرات من دون طيار السلاح الأكثر تفضيلا. تم تذكيري بهذا الاستناد لقانوننا الأخلاقي من خلال مسؤول الاستخبارات السابق الذي شارك في السابق في العديد من العمليات التي استخدمت فيها القوة القاتلة.

يستدعي الرجل المخضرم في وكالة الاستخبارات موعظة من مسؤول بارز في بداية الثمانينات عندما بدأت الوكالة تبني غارات مميتة ضد قوات العملاء السوفيات، الذي قال: «لا تقم بأي شيء في الميدان وأنت تعلم في قرارة نفسك أنه سيهز ضمير الأمة عندما يتكشف».

خلال المعارك الأولى ضد الإرهاب في الثمانينات، كانت العمليات تتم عبر «الأسر أو القتل»، لكن كان الخيار الأفضل هو الأسر. وعمل مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة الاستخبارات عن قرب مع مكتب التحقيقات الفيدرالي حينئذ لاستهداف الإرهابيين الذين قتلوا أميركيين خارج الأراضي الأميركية سرا. ومعلوم أن الأهداف ربما تكون قد قتلت، لكن جملة «تقديمهم للعدالة» لم تكن مجرد تعبير لطيف.. ففي إحدى الحالات، خططت وكالة الاستخبارات المركزية لأسر صانع قنابل سيئ السمعة في أحد بلاد شمال أفريقيا، لكن العملية تم تأجيلها في اللحظة الأخيرة بسبب المخاوف من إحراج الدولة التي يوجد فيها هذا الشخص.

وفي عهد الرئيس جورج بوش، وضعت قيود على القتل المستهدف في البداية. وفي عام 2002 اضطر الرئيس إلى منح وكالة الاستخبارات سلطة خاصة في استهداف قادة العراق خلال الإعداد للحرب. وبعد استسلام العراق تم أسر كبار القادة العراقيين، ولم يقتلوا بما في ذلك صدام حسين ذاته.

وقد غيرت الطائرات من دون طيار الميزان، فقدمت تقنية جديدة في الانتقام، وأصبحت وسيلة يعول عليها على الأغلب لاستخدام قوة مميتة دون المغامرة بسقوط ضحايا أميركيين. هذه الطائرات من دون طيار لا تأسر، لكنها تقتل.. وربما كان ذلك السبب في أهمية وضع قواعد حقيقية.

كان هولدر مصمما على الحفاظ على الخيارات الرئاسية مفتوحة، حتى إنه قدم إجابة غامضة عن سؤال بول حول استهداف مواطنين أميركيين على الأراضي الأميركية، وقال: «هذا محتمل.. أعتقد أنه ممكن في ظرف استثنائي يكون فيه ملائما وضروريا». مستدعيا أحداث بيرل هاربر أو 11 سبتمبر (أيلول) أخرى عندما يكون الانتحاريون أميركيين. تلك الإجابة أقلقت ملايين الأميركيين الآخرين الذين يخشون انتهاكات القوة الحكومية.

لقد تركت وزارة العدل مساحة كبيرة من المناورة في تقريرها الأخير بشأن قتل أميركيين خارج الولايات المتحدة. وقد أكد التقرير على أن عمليات القتل هذه قانونية إذا كان هذا المواطن يشكل «خطرا وشيكا» وأن «عملية الأسر غير فاعلة». لكنها في الوقت ذاته كانت ضبابية بالقول إن كلمة «وشيكا» لا تتطلب أدلة واضحة لشن هجوم عاجل. وبالنسبة للأسر، يمكن التخلي عنه بسبب «احتمالية المخاطر التي قد يتعرض لها الجنود الأميركيون أو الاعتراضات الأجنبية».

وتقول السيناتورة ديان فينستين إن الولايات المتحدة بحاجة إلى «محكمة للطائرات من دون طيار» للموافقة على القتل المستهدف، لكن غاريت إيبس، أستاذ القانون في جامعة بالتيمور رفض بشكل مقنع معللا أن استخدام المحاكم لهذه الأعمال التنفيذية سيكون غير دستوري. وأشار إيبس إلى إمكانية إعادة النظر في هجمات الطائرات من دون طيار من قبل المجلس الاستشاري الاستخباري للرئيس، تلك الهيئة التنفيذية المستقلة المؤلفة من مسؤولين من الحزبين.

هذه التساؤلات ملحة، مع تحول «القاعدة» إلى خلايا محدودة، والتبرير القانوني للهجمات أصبح أكثر غموضا. وقد نشرت «واشنطن بوست» تقريرا هذا الأسبوع عن أن الهجوم على «القاعدة» في أماكن مثل سوريا وليبيا ومالي والولايات المتحدة، قد يوسع الاستهداف إلى نوع المصدر الذي يسمى «المتعاون مع المتعاونين». ينبغي أن تكون الطائرات من دون طيار الملاذ الأخير، وكان من العلامات الإيجابية التي أوردها التقرير الذي صدر يوم الخميس الماضي أن صهر أسامة بن لادن، سليمان أبو غيث، تم أسره، لا قتله.

* خدمة «واشنطن بوست»