شافيز.. «مهدي» فنزويلا!

TT

يبدو أن أثر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الغيبي، قد وصل إلى كاراكاس في فنزويلا الثورية!

لم يكد أحمدي نجاد يثير زوبعة «مهدوية» خلاصية في نعيه للرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، حتى لاحقه خليفة شافيز الجديد، وزاد في الطنبور الغيبي نغمات مقدسة.

في التفاصيل أن نيكولاس مادورو، الرئيس الفنزويلي بالوكالة، قال تعليقا على اختيار بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية، من أصل أرجنتيني، إن الزعيم الفنزويلي الراحل، هوغو شافيز، ربما كان له يد في قرار المسيح اختيار البابا الجديد للكنيسة الكاثوليكية من أميركا اللاتينية.

وقال مادورو في معرض للكتاب في كاراكاس: «نعلم أن قائدنا صعد إلى السماء، والتقى بالمسيح وجها لوجه، هناك شيء ما أثر على اختيار البابا من أميركا الجنوبية، شخص جديد وصل إلى جوار المسيح، وقال له: حسنا يبدو لنا أنه حان الوقت لأميركا الجنوبية».

قبله كما نعلم، كتب أحمدي نجاد الرئيس الإيراني في رسالته لتأبين الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز أن الأخير: «سيبعث مع المسيح - الإنسان الفاضل - والإمام المهدي - الإنسان الكامل». وقد أثار أحمدي نجاد غضب بعض رجال الدين الشيعة بجرأته على المقام العظيم، مقام صاحب الزمان، كما هو الوصف في القاموس اللاهوتي الفقهي الشيعي، حيث جعل رجلا صاحب روح غير خالدة قرينا لصاحب الروح الخالدة. ينبه كل هذا إلى مسألة شديدة الخطورة، ودائمة الاستخدام، وهي مسألة استخدام سطوة المقدس في حظيرة المدنس، أي توظيف الدين في السياسة ومناوراتها ومعاركها. وهذا الأمر، كما نرى من هذا المثال، ليس حكرا على دين دون دين، أو طائفة دون طائفة، ونراه رأي العين في كل مكان وزمان، من تجار الدين الشيعة والسنة، والمسيحيين والمسلمين واليهود، وغيرهم.

استنزاف الطاقة الدينية في خضم المعارك السياسية، بلغ ذروته العليا هذه الأيام بسبب اشتداد الصراعات السياسية. ويذكرني كل هذا بقصة ظريفة من تراثنا.

يذكر الزجاجي وغيره، أن سراقة البارقي كان شاعرا ظريفا زوارا للملوك حلو الحديث، فخرج في جملة من خرج لقتال المختار الثقفي المتوفى سنة 67 هـ (وهو الذي زعم أنه خرج بمهمة حربية وسياسية مقدسة). فوقع الشاعر أسيرا، فأتي به المختار. فلما وقع بين يديه قال: يا أمين آل محمد. إنه لم يأسرني أحد ممن بين يديك. قال ويحك فمن أسرك؟ قال: رأيت رجالا على خيل بلق يقاتلوننا ما أراهم الساعة، هم الذين أسروني. فقال المختار لأصحابه: إن عدوكم يرى من هذا الأمر ما لا ترون، ثم أمر بقتله فقال: يا أمين آل محمد إنك تعلم أنه ما هذا أوان تقتلني فيه. فقال المختار: متى أقتلك؟ قال: إذا افتتحت دمشق ونقضتها حجرا حجرا ثم جلست على كرسي في أحد أبوابها فهناك تدعوني فتقتلني وتصلبني. فقال المختار: صدقت، ثم التفت إلى صاحب شرطته. فقال: ويحك من يخرج سري إلى الناس ثم أمر بتخلية سراقة. فلما أفلت أنشأ يقول وكان المختار يكنى أبا إسحاق:

ألا أبلغ أبا إسحاق أني

رأيت البلق دهما مصمتات

ترى عيني ما لم تراياه

كلانا عالم بالترهات

كفرت بوحيكم وجعلت نذرا

علي قتالكم حتى الممات

يبدو أن خيل المختار «البلق»، الآتية من عالم الترهات، ما زالت تعدو وتجمح من كاراكاس إلى طهران.. والعكس.

[email protected]