ما هي نتائج الخدمة الطبية؟

TT

أثارت رابطة القلب الأميركية قضية نتائج المعالجة الطبية التي تقدم للمرضى، وذلك من خلال عرضها لإحدى الدراسات الطبية التي تم طرحها في عدد 11 مارس (آذار) من مجلة «الدورة الدموية» Circulation. وناقشت الدراسة موضوع نجاة المصابين بتوقف القلب cardiac arrest ومعدلات البقاء على قيد الحياة نتيجة لتقديم خدمة الإنعاش القلبي الرئوي لهم كوسيلة علاجية لإنقاذ الحياة. ولاحظت الدراسة أن أكثر من 210 آلاف حالة توقف للقلب تحصل سنويا في المستشفيات الأميركية، وأن «معدل مغادرة المستشفى» hospital discharge لهؤلاء المرضى لا يزال هو 24% خلال العقود الماضية رغم التقدم العلمي والتقني في الطب وتقديم خدماته للمرضى.

وتناولت مناقشة نتائج الدراسة موضوع كيفية جمع البيانات المتعلقة بتلك الحالات من جميع المستشفيات بالولايات المتحدة بغية تحليل المعلومات تلك واستخلاص نتائج مفيدة في تطوير تلك الوسيلة العلاجية. واعتبر عدم وجود وسائل لتجميع لمعلومات تلك والاستفادة المنهجية منها، من أكبر معوقات تطور الطب في هذا الجانب، خاصة عند عدم القدرة على مقارنة أداء المستشفيات المختلفة وتحليل أساب ذلك.

إلا أن النقطة الأهم، هي أن معدلات النجاة من الموت نتيجة تلقي عملية الإنعاش القلبي الرئوي لا تزال تراوح مكانها، أي نحو 24% رغم كل شيء. وما تثيره هذه النسبة هو أنه ربما ليس بمقدور عملية الإنعاش القلبي الرئوي تقديم نتائج أفضل، بمعنى أن ما توصل إليه الطب كوسيلة علاجية لحالة توقف القلب هو عملية الإنعاش القلبي الرئوي، وأن نتائج تطبيق هذه الوسيلة الإنقاذية لن تكون أفضل من 24% بدليل ثبوت النسبة تلك لعقود مضت.

والملاحظ أن كثيرا من أفراد الوسط الطبي، من غير المعنيين باستخدام تلك الوسيلة العلاجية، قد لا يدركون أن نسبة النجاح متدنية بهذه الصفة، ولكنها هي الحقيقة. ولذا حينما يقرر طبيا أن المريض ميؤوس من تحسن صحته ويتخذ الأطباء قرارا باستثنائه من عملية الإنعاش القلبي الرئوي إذا ما توقف قلبه، فإن البعض قد يتصور أن هذا حرمان من الحق بالحياة، ولكنه حقيقة حرمان من احتمالات بنسبة 24%.

ولكن السؤال يعود بطريقة أخرى، ما هو معيار نتائج المعالجات الطبية ومن يقررها؟ بمعنى أننا وحينما نعالج مرض السكري لدى مريض ما، فما هي مؤشرات نجاح المعالجة؟ وحينما نعالج تضيق أحد الشرايين التاجية بالوسيع من خلال البالون بالقسطرة، ما هي مؤشرات نجاح المعالجة؟ بعبارة أخرى ولتقريب المقصود: حينما يظهر على مريض ما ارتفاع في الحرارة، ونعطي المريض دواء لخفض الحرارة، وتنخفض الحرارة بالفعل، هل نحن عالجنا المريض أم أن ما فعلناه هو تسكين لأحد أعراض المرض. بلا شك نحن لم نعالج مشكلة التهاب الحلق البكتيري الذي لديه مثلا، بل فقط خفضنا حرارة جسمه، وبعد بضع ساعات ستظهر الحرارة لأننا لم نعطه المضاد الحيوي اللازم للقضاء على البكتيريا.

ولذا فإن النجاح في علاج مريض السكري لن يكون فقط في خفض نسبة سكر الدم بشكل آني، بل يتمثل على المدى البعيد في منع نشوء مضاعفات مرض السكري على الشرايين والكلى والدماغ والقلب والعينين. والنجاح في علاج تضيق أحد شرايين القلب هو في استفادة القلب على المدى البعيد من توسيع ذاك الشريان من خلال القسطرة مقارنة بعملية القلب المفتوح لجراحة تخطي التضيقات في الشرايين التاجية.

نحن قد نبدو للمريض ناجحين بإجرائنا تقديم وسائل علاجية معينة، ولكن نجاح النظام الصحي لتقديم الرعاية الطبية يكون من خلال مؤشرات أكثر شمولية وأعم تأثيرا وتتم مراقبتها من خلال نتائج ارتفاع المستوى الصحي للمجتمعات وانخفاض مقدار الإنفاق على الرعاية الصحية في حالة مريض بعينه وغيرها.