بعد زيارة أوباما.. في انتظار «هرمجدون»

TT

الآن بعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل، التي تم تحديدها كي تتزامن مع احتفالات جمهورية إيران الإسلامية برأس السنة الفارسية (عيد النوروز)، يبدو أن معركة «هرمجدون» الأسطورية قد اقترب موعدها، لكن دون ظهور الإمام. وتتحدث القصص الشعبية عن قصة صراع يدور قبل نهاية الأيام - يوم القيامة - يتم فيه اللقاء بين قوى الخير وقوى الشر عند جبل يسمونه «هرمجدون»، حيث تدور المعركة الفاصلة بينهما.

ومنذ توليه السلطة دأب الرئيس أحمدي نجاد على الحديث عن عودة الإمام الغائب، أبو القاسم بن محمد، الذي قيل إنه اختفي دون أن يراه أحد في عام 329هـ (941م). وفي خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2005 تحدث أحمدي نجاد بتفصيل من فوق منصة الأمم المتحدة عن قرب عودة الإمام، مما حير الدبلوماسيين الغربيين في دلالة هذا الحديث. ولمح أحمدي نجاد إلى أن عودة الإمام الغائب باتت قريبة بقوله: «إن الوقت يداهمنا... إيران ستكون محور قيادة (العالم) إن شاء الله». ورأى الرئيس الإيراني أنه حتى أعداء إيران باتوا يعلمون أن عودة المهدي صارت حتمية: «القوى العظمى مذهولة. هل تصدقون أن تصبح إيران قوة نووية هكذا؟ نحن نرى في ذلك اليد المدبرة للإمام الغائب».

وفي سنة 2006 صدر عن «دار العلم» في بيروت كتاب بعنوان «أحمدي نجاد والثورة العالمية المقبلة»، كتبه شادي فقيه ووزعه حزب الله اللبناني. تناول المؤلف علاقة نجاد بالإمام العائد الذي قيل إنه سيتولى تحرير القدس. واعتبر الكتاب أننا نعيش الآن في عهد الظهور، حيث اقترب موعد عودة الإمام ليصبح أحمدي نجاد قائدا لقواته وعلي خامنئي – مرشد الثورة – صاحب رايته. وروى الكتاب قصة تقول إنه بعد انتخاب نجاد رئيسا، وقع مجلس الوزراء الإيراني اتفاقا مع الإمام، وتم إلقاء رسالة تحمل هذا الاتفاق في بئر جامكاران بالقرب من مدينة قم، كي تصل إلى الإمام لمطالبته بالعودة.

إلا أن الكتاب تحدث كذلك عن شرط ضروري يجب أن يتم تحقيقه قبل أن يعود الإمام، ألا وهو حصول إيران على السلاح النووي. ذلك أن القنبلة النووية صارت الآن تمثل النار المقدسة التي كان الفرس يوقدونها في معابدهم بشكل دائم قبل الإسلام، ويعتبرونها رمزا للإله آهورا مازدا، الذي كان يمثل النور لديهم.

وفي رحلته الأولى منذ إعادة انتخابه للرئاسة وصل باراك أوباما إلى إسرائيل، بعد يومين من تشكيل بنيامين نتنياهو حكومته الجديدة، ورغم الخلافات السابقة بين الرجلين، قد ظهرت إشارات واضحة من كلا الطرفين بأن الساعة قد حانت للتعامل مع الملف النووي الإيراني. وقال الرئيس الأميركي قبل مغادرته واشنطن، إن الوقت قد حان كي تقوم إيران «بخطوات فورية وذات معنى» لخفض التوتر بينها وبين المجتمع الدولي بخصوص برنامجها النووي. وناشد الرئيس الأميركي إيران حل الخلافات مع واشنطن والدول الغربية الأخرى حول طموحاتها النووية. وقال الرئيس إن «قادة إيران يقولون إن برنامجهم النووي هو من أجل الكهرباء وبرنامج البحوث الطبية، ومع هذا فهم حتى الآن لم يتمكنوا من إقناع المجتمع الدولي بأن أنشطتهم النووية هي لأغراض سلمية فقط».

وفي القدس الغربية أعلن بنيامين نتنياهو أمام الكنيست، بعد حصول حكومته على موافقة البرلمان، أن أولوية حكومته الجديدة هي الدفاع عن إسرائيل، وقال نتنياهو إن «إيران تواصل كل ما تستطيع من أجل تخصيب اليورانيوم، وأنا قلت في شهر سبتمبر الماضي إن هناك خطا أحمر لا يجوز (لإيران) أن تتعداه».

ورغم اختلاف الرئيس الأميركي مع رئيس وزراء إسرائيل في تحديد تاريخ «الخط الأحمر»، حيث صرح أوباما لإحدى القنوات التلفزيونية إن إيران لديها عام قبل تمكنها من إنتاج القنبلة النووية، فلم يعد هناك فسحة أمامهما سوى عام واحد للتعامل بشكل نهائي مع إيران. ولا يوجد أمام الرجلين الآن سوى خيارين؛ إما السماح لإيران بالحصول على القنبلة النووية، أو ضرب المفاعلات لمنعها من الحصول عليها. ولما كانت رئاسة أحمدي نجاد تنتهي في منتصف شهر يونيو (حزيران) العام الحالي، فيبدو أن المعركة الفاصلة بين الخير والشر ستتم بعد رحيل أحمدي نجاد، بعد أن وافق أوباما على قيام إسرائيل بالقيام بعمل عسكري ضد منشآت إيران النووية، من دون الرجوع لواشنطن في هذا الأمر.