الخليج واحتواء الإخوان المسلمين!

TT

مع إقلاع أول رحلة طيران تجاري مباشر بين مصر وإيران من القاهرة، ومنذ أكثر من 34 عاما، عاد الحديث الآن إلى ضرورة أن تحتوي دول الخليج العربي مصر، بمعنى أن تقدم لها مساعدات مالية تساعد فيها الإخوان المسلمين للخروج من ورطتهم الكبرى. وهذا الحديث لا يدل على عقلانية سياسية بقدر ما يدل على نفاق فج.

فدول الخليج كانت تتهم، وإلى فترة قريبة، بدعمها لنظام مبارك رغم النقمة الشعبية ضده، كما كان يقال وقتها، وحتى إبان ثورة 25 يناير، وكان ذلك أيضا حديث الإدارة الأميركية ومن خلال التسريبات الصحافية، واليوم يطالب أنصار الإخوان المسلمين دول الخليج باحتواء إخوان مصر ودعمهم ماديا، بحجة عدم دفع الإخوان للارتماء بأحضان إيران، ورغم كل ما يفعله الإخوان من قمع وتهميش لشريحة عريضة لا يستهان بها من المصريين، بدلا من لجوء الإخوان لحلول سياسية عقلانية توحد الصف، وتجمع الفرقاء بالقاهرة! وأفضل وصف سمعته لما يحدث بمصر كان من رئيس وزراء عربي؛ حيث يقول إن الرئيس محمد مرسي «يتصرف وكأنه جاء بانقلاب وليس بصناديق الانتخاب»! ويكفي تأمل ملاحقة أجهزة مصر الديمقراطية اليوم لمقدم برامج ساخر وهو الدكتور باسم يوسف!

فبدلا من أن يدين المناصرون للإخوان المسلمين تسيير رحلات تجارية بين مصر وإيران في الوقت الذي قامت به قوات الجيش الحر السوري قبل يومين باستهداف طائرة إيرانية كانت تنقل أسلحة لقوات بشار الأسد من أجل قمع وقتل السوريين، يقوم مناصرو الإخوان بتحميل دول الخليج المسؤولية على ارتماء إخوان مصر بأحضان ملالي طهران، وهذا أمر عجيب لا يمكن فهمه، أو تفسيره إلا أنه نفاق سياسي، فكان الأحرى بمحبي مصر أن يحملوا الإخوان مسؤولية ما يحدث بمصر بدلا من تخويف وابتزاز دول الخليج العربي بالقول بأنه في حال لم تدعموا إخوان مصر فإن أرض الكنانة ستصبح شيعية، أو صفوية.

وقصة الاحتواء بالدعم هذه ليست جديدة، بل تمت تجربتها مرارا من قبل دول الخليج بمنطقتنا وفشلت سواء عربيا أو إسلاميا، فقد فشل الاحتواء المادي والسياسي مع صدام حسين، وبشار الأسد، وبشير السودان، وصالح اليمن، وياسر عرفات، وبعده حماس، وطالبان، والجماعات الإسلامية كلها، ومنها الإخوان المسلمون وغيرهم، خصوصا في قصة تحرير الكويت بعد احتلال العراق لها، كما فشلت تجربة احتواء ودعم المقاومة الكذابة، وخصوصا حزب الله في لبنان، والتي انطلت حتى على تركيا، فلماذا على دول الخليج أن تكرر اليوم تجربة ثبت فشلها مرارا وتحت عناوين مختلفة؟

وعليه فالمفروض اليوم أن يقوم محبو مصر، إن كانوا صادقين، بتوجيه اللوم للسياسات الإخوانية الفاشلة، والتي أحوجت القاهرة إلى أن تتوسل الدعم الدولي، والمفروض أن ينتقدوا الإقصاء الإخواني بحق شريحة عريضة من المصريين، كما يجب أن ينتقدوا ارتماء مصر بأحضان إيران التي تدعم الأسد بكل جرائمه المرتكبة بحق السوريين بدلا من انتقاد دول الخليج العربي.

[email protected]