لفتتني دراسة نشرت حديثا أظهرت أن الأمهات البريطانيات يواجهن أسئلة من أطفالهن تفوق الأسئلة التي يوجهها النواب إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون خلال الدقائق الـ60 من جلسته البرلمانية الأسبوعية!
ولاحظ الباحثون، الذين استطلعوا آراء نحو ألف امرأة، أن أكثر الأسئلة التي توجه إلى الأمهات كانت تأتي من صغار السن ممن هم دون الرابعة، إذ بلغت 390 سؤالا بينما كان المعدل العام للأسئلة 288 سؤالا، أي بمعدل سؤال كل دقيقتين، منذ استيقاظهم حتى إخلادهم إلى النوم (12 ساعة)! وكانت أسئلة الإناث ذات طابع يغلب عليه حب الاستطلاع (inquisitive)، بينما كان يغلب على أسئلة الذكور الطابع المعلوماتي أو الاستفهامي، حسبما نشرت صحيفة «الديلي ميل».
وبغض النظر عن مدى دقة استطلاع الرأي هذا من الناحية العلمية إلا أنه يبقى منطقيا ويعكس واقع حال الإنسان، فكلما صغر سن الإنسان قلت خبرته الحياتية وصار أكثر حاجة إلى السؤال ليفهم مجريات الأمور من حوله. ولذا فإن أكثرنا خبرة أو علما هم من توجه إليهم سهام الأسئلة.
والسؤال هو عنصر أساسي في أي تواصل بشري، ومن دونه لا يستطيع المرء أن يفهم أو يتأكد أو يتذكر أو يقارن أو يبحث أو يوبخ أو يوجه أو يقود أو حتى يجس نبض من حوله. كما لا يحق للإنسان أن يتذمر أو يتهم أو يدين قبل أن يسأل بتجرد وحيادية، وهذا ما يفعله كل قضاة العالم والمحامين والمحققين.
والأمر نفسه ينطبق على المسؤول أو المدير الذي لا بد أن يحسن إلقاء السؤال حتى تأتيه الإجابة الوافية، لأن وضوح السؤال يمهد لوضوح الإجابة. وكثير من الناس لا سيما الإعلاميين لا يحسنون صياغة سؤال واضح كأن يركبوا فكرة على سؤال ثم يتبعوها بنصف سؤال مبهم فيتوه معه المتلقي!
والسؤال عموما مهم لأن إجابته تكشف جانبا من شخصيات من نحاورهم أو وجهات نظرهم. والسؤال يكشف أيضا مدى تركيزنا، فحينما يطرح المتحدث سؤالا عن أمر سبق أن تحدث عنه ينكشف له مدى تركيز المستمع، مثلما يفعل المدير في اجتماعه والأستاذ في فصله.
وتبقى حقيقة أن الغاية الرئيسة للسؤال هي «جمع معلومات تهمنا» مثلما يفعل الأطفال وبإلحاح منذ نعومة أظفارهم. فالسؤال مصدر المعلومة، ولذا جاءت علامة الاستفهام في نهايته مرسومة على شكل الأذن لتذكرنا بضرورة أن ننصت جيدا إن كنا نريد التعلم!