انتظروا ثلاثة عقود على الأكثر وليس على الأقل، عندها سوف تعيشون في عالم لم يكن يخطر لكم على بال.
الكارثة التي تحزنني أنه من شبه المؤكد أنني لن أكون وقتها على قيد الحياة، لهذا يحق لي أن أردد ما قاله أبو فراس:
إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر
وكم أنفطر حسدا لكل من سوف يعيش في تلك المرحلة، ولكي أضعكم بالصورة: فها هم العلماء في أميركا والصين يتسارعون بخطوات محمومة للوصول إلى (طاقية الإخفاء) التي تناولها تراثنا الشعبي كنوع من الإعجاز أو التهكم.
نعم، إن هؤلاء العلماء وضعوا هذا الاحتمال على مائدة التجارب، فهم يخططون في اتجاه إنتاج عباءة إخفاء بتجربة مواد حديثة تعكس الضوء حول من يلبسها، وحيث إن ما نراه يعتمد على الضوء المنعكس من الجسم فإن أي شخص يلبس ملابس مصنوعة من إحدى هذه المواد سوف يختفي عن أنظار الآخرين تماما.
طبعا هذا الاختراع سوف يستغل استغلالا رهيبا، صحيح أنه قد يكون رائعا ومفيدا لبعض العشاق الجبناء، ولكنه بالمقابل سوف يكون أكثر روعة وفائدة للصوص والمجرمين، عندها سوف تقع وسائل الأمن بدول العالم في (حيص بيص)، ويختلط (الحابل بالنابل)، ولا تعرف الجيوش كيف تتقاتل إذا كان جنود كل فريق يلبسون مثل هذه الملابس؟!
وكذلك في دراسة العلماء لقد رأت (السحالي) بالمشي على الجدران وعبر السقوف، فهم يعملون الأبحاث والتجارب الناجحة على تطوير قفازات وأحذية قابلة للالتصاق، بحيث يستطيع أي إنسان أن يتسلق بكل بساطة أعلى مبنى في العالم مثل برج (خليفة) في دبي خلال دقائق كأي سحلية نشيطة، وعلى هذا الأساس وفر هذا الاختراع على أي (حرامي) أن يتسلق المنازل بواسطة (المواسير).
وهم - أي العلماء - (قاب قوسين أو أدنى)، من الوصول إلى اختراع (بدله) لا تتأثر بالجاذبية الأرضية نهائيا، بحيث إن من يرتديها يستطيع أن يحلق بها من دون أي مجهود يذكر، وينتقل من شارع إلى شارع متجاوزا زحمات المرور، ولن يأتي الناس إلى المنازل من أبوابها ولكن من سطوحها.
كما أنهم سوف يستغلون أشعة (إكس) أحسن استغلال، وهم على وشك اختراق علمي يؤكدون أنه حقيقة واقعة، وهو عبارة عن نظارات تسمح لمن يرتديها أن يخترق الحواجز أيا كانت، سواء كانت هي من الجدران أو حتى الملابس، وإذا كان هناك إنسان لا يطيق لبس النظارات، فالعدسات اللاصقة تكفي وتفي بالغرض.
وهذا الاختراع من وجهة نظري هو (مصيبة المصائب)، لأنه إذا حصل فكيف يأمن الإنسان على نفسه وهو في غرفة نومه مع زوجته؟! وكيف تأمن المرأة الملتزمة المنقبة على نقابها الذي تفتخر به؟! بل كيف يأمن جل الناس وهم في معابدهم.
بدأت مقالي بالحسد المرير على كل من سوف يعيش إلى يوم تلك الاختراعات الخلاقة، ولكنني الآن بدأت أغير وجهة نظري، وأحمد الله أنني لن ألحق بها، فقد عشت مستورا، وسوف أموت مستورا - أو هكذا من المفترض.