سلاح النكتة القاسية!

TT

هناك سؤال دائماً يطرح نفسه بقوة في المجتمع المصري: من هو المصدر الذي يصنع النكتة؟

الشعب المصري شعب خفيف الظل، أدمن اطلاق النكات على حكوماته وعلى شخصياته العامة كوسيلة للتعبير النفسي والسياسي عن مواقفه من الأحداث وأبطالها. وفي مصر هناك سوق تباع فيه النكات!

نعم، صدق أو لا تصدق، هناك عدة مقاهٍ يأتيك رجل على هيئة بائع متجول لا يحمل في يده شيئاً ملموساً يبيعه لك وحينما تسأله: «أنت تبيع إيه»؟ يرد قائلاً: أنا بابيع نكت يا باشا؟ وحينما تحاول أن تتذاكى وتستظرف عليه وتسأله: وماذا لو لم تعجبني النكتة؟

يقول لك: «رجعها يا باشا وخذ واحدة ثانية بدالها». ساعتها تضحك وحينما تضحك يقول لك: «ودي أول نكتة انت اشتريتها مني»!

النكتة هي السلاح السري والترمومتر الذي يكشف بالضبط مدى رضا أو استياء الرأي العام حول ما يدور حوله من أحداث أو انطباعاته عن اداء المسؤولين. وعقب حرب 1967 وحدوث الهزيمة العسكرية وضياع سيناء والجولان والقدس زادت كمية النكات القاسية حول الاوضاع في البلاد وكانت بمثابة الأسواط القاسية التي جلدت المجتمع المصري في مرحلة ما بعد الهزيمة وضياع الأرض. ومنذ أن تولت جماعة الاخوان المسلمين مقاليد الحكم عقب فوز رئيس منتخب منها لمقعد الرئاسة والخلاف المستحكم مع المعارضة، زادت كمية النكات القاسية حول الجماعة والرئاسة بشكل فيه نوع من محاولة الاقلال من قدر الحكم لإظهار الاعتراض على الأوضاع. والمتابع للحوارات والدردشات على مواقع الانترنت والفيسبوك سوف يلاحظ ازدياد وتيرة ونسبة ودرجة السخرية العالية في الشهور الاخيرة.

وكثيراً ما تحدث اشتباكات لفظية بين الساخرين من جماعة الاخوان وأعضاء الجماعة الذين يعتبرون أن هذا سلاح سياسي يستخدم للانتقاص من «الجهود المخلصة للجماعة في بناء نهضة مصر» على حد قولهم. والنكتة على الإنترنت لا حدود لها، ولا سقف لمدى الحرية فيها، ولا يمكن السيطرة على المفردات والألفاظ المكتوبة. وفي كثير من الاحيان تكون النكتة جارحة للغاية بل تدخل في نطاق السب والقذف الذي يعاقب عليه القانون، ولكن ماذا يفعل أي نظام مع مئات بل آلاف «التغريدات» او «النكات» القاسية الجارحة التي تظهر على صفحات الانترنت؟

الاجابة: نكتة على الإنترنت هي سلاح لا سلاح مضاد له ولا وسيلة للوقوف أمامها إلا بقبول الأمر الواقع.

اقرأ سخرية الآخرين منك واضحك واستمتع!