ثلاثة رجال وثلاثة مواقف

TT

عندما كنت مع أحدهم نتسوق في شوارع روما، وحينما أعياه التسوق وأعياني أنا التعب، رجعنا إلى سيارته التي حاول تشغيلها دون جدوى، فما كان منه إلا أن اتصل بمحل لـ(الميكانيكا) لقطرها وإصلاحها، وأعطاهم موديلها ولونها وعنوان الموقف الذي هي فيه، وبعدها أخذنا التاكسي عائدين إلى شقته، وما هي إلا نصف ساعة حتى اتصل به المحل يعلمه أن (الونش) لم يجد السيارة، فجن جنون الرجل وهب مسرعا يعتقد أن سيارته قد سرقت، وهببت أنا معه على مبدأ (مع الخيل يا شقرا)، وأخذنا تاكسي مرة أخرى، وعندما وصلنا وجدنا سائق الونش متوقفا في نفس المكان، وأخذ الرجل يعاتبه قائلا: ألا ترى السيارة أمامك بكل مواصفاتها، فلمن ظننتها؟!

فرد عليه: إنني حسبتها فعلا السيارة المطلوبة، وبينما كنت منهمكا في ربطها، وإذا بسيدة تأتي نحوي مسرعة وهي تصيح بي قائلة: توقف، إن هذه السيارة تخصني.

فتعجب رفيقي، غير أنني لاحظت ورقة تحت المسّاحة على الزجاج الأمامي، فقلت له: انظر. فخطف الورقة وقرأ فيها التالي:

«كان الونش على أهبة أن يأخذ سيارتك للحجز، فوضعت قطعة نقدية في العداد وأنقذتك.

الإمضاء: «فاعلة خير» - انتهى.

صحيح (ما كل مجتهد مصيبا).

***

ومع رجل آخر كان لي هذا الموقف المحتدم - وما أكثر مواقفي غير المباركة! وهو رجل حسدناه جميعا على (زيجته) الموفقة، ولا أنسى ليلتها أنني شاركته في رقصة (المزمار) مجاملة له.

وفوجئنا أنه بعد عدة أشهر قد طلقها، والحقيقة أنني تضايقت، فذهبت له معاتبا ومتسائلا وقائلا له بالحرف الواحد: كيف حصل هذا، ألم تكن جميلة وعفيفة ومحصنة وبنت ناس؟!

فرد عليّ قائلا: كل ما ذكرته فعلا ينطبق عليها وأكثر.

وتفاجأت به يخلع فردة من حذائه وأخذ يهزها في وجهي قائلا: تمعن فيها، أليست هذه (جزمة) جديدة وجميلة ونظيفة؟! وواصل كلامه قائلا: إنها فعلا كذلك، ولكنك يا أخي لا تدري في أي موضع من قدمي هي تؤلمني - انتهى.

فما كان مني إلا أن دفعت يده وحذاءه من أمام وجهي من دون أن أقول له: شكرا.

***

ورجل ثالث هو أكثرهم ذكاء، عندما أراد أن يختبر سذاجتي وسألني قائلا: هل تعرف أن الأرقام لا تكذب، وأن الكذوب يستطيع أن يتلاعب بالأرقام؟!

قلت له: والله عجيبة، ولكن بالله عليك كيف؟! أريد أن أتلاعب.

قال: لو أنك أخذت مثلا مجموعة من عشر نساء، تسع منهن عذارى وواحدة حامل، فكل واحدة منهن يا شاطر هي على المعدل حامل 10%، والحامل منهن 90% عذراء، هل تصدق؟! - انتهى.

لم أجبه، ولكن عيناي تحاولتا، وتدلدل أنفي مثل خرطوم الفيل... يا حرام.