دراويش «حزب الله» حائرون

TT

في سوريا، انكشف المستور، وفار التنور، وباحت بما فيها الصدور.

حزب الله اللبناني، رسخ الصورة التي كان بعض المتعاطفين معه في العالم الإسلامي يحاولون نفيها. صورة المخلب الإيراني الخميني، التابع المطيع لتوجيهات «ولي أمر المسلمين» آية الله خامنئي. وليس الحزب الوطني اللبناني المقاوم، حسبما كانت تردد ثرثرات الإخوان المسلمين، والتيارات القومية العروبية، و«الناصريين» القدامى في دول الخليج، من البحر الأحمر إلى الخليج العربي.

كان كل منتقد لحزب الله، ومدى انغماسه في المشروع الخميني الإيراني، يتم اتهامه فورا، من قبل الإعلاميين والكتاب الناصريين والقوميين، بالذات النسخة المصرية والخليجية، بأنه «عميل للأميركان والصهاينة».

حزب الله في دخوله الفاضح في الحرب السورية، خصوصا معارك قرى الحدود في منطقة القصير، بل كامل القطر السوري كما ذكر الأمين العام السابق لحزب الله، صبحي الطفيلي، وكما ذكر معاذ الخطيب في رسالته لزعيم حزب الله، حسن نصر الله، يؤكد أكذوبة «المقاومة» وأن هذا الشعار مجرد «تعويذة» سياسية لكسب الدعاية، والتلاعب بالمشاعر العربية والإسلامية.

لقد كان شعار المقاومة خادعا ومضللا، ليس الآن فقط، مع انكشاف التبعية المحضة في حزب الله لتوجيهات الحرس الثوري، وأوامر «ولي أمر المسلمين» الخامنئي، بل هو شعار خادع ومقاوم، منذ أكثر من 10 سنوات. هل تذكرون كيف هبت قنوات عربية، وكتاب عرب، لشتم كل من انتقد تصرفات حزب الله في لبنان، وتوريطه للبلد في «مغامرات غير محسوبة»؟! هل تذكرون كيف تناغمت لغة إعلام حزب الله، مع لغة إعلام أتباع النظام الأسدي في لبنان، مع لغة أشهر فضائية عربية مناصرة لما سمي بمعسكر المقاومة، بالضد من معسكر الاعتدال؟! طبعا هذه الثنائية تبخرت في الإعلام العربي مع هبوب الرياح العاصفة في خضم الربيع العربي «القائظ»!

كان شخص مثل الصحافي المصري محمد حسنين هيكل يبدي «تفهما» لغزوة حزب الله إلى بيروت الغربية، وكان شخص إسلامي مثل سليم العوا في مصر هو مرسال الود بين معسكر إيران وحزب الله وحماس من جهة، مع بقية الإسلاميين ومدعي الثقافة العروبية في العالم العربي. وكان شخص مثل خالد مشعل، زعيم حماس، قد ابتلع لسانه ولم يعلق على تخويف وقمع خصوم حزب الله السياسيين.

الغريب أن حزب الله، ومعه نظام بشار، يغنون على وتر التخويف من الطائفية وأنهم ضد الجماعات الطائفية السنية، في حين أنهم، بسلوكهم وكلامهم، يصبون الزيت على نار الطائفية! فهل هم حمقى لا يحسنون التصرف، أم الأمر أعمق وهم يريدون تجذير الفرز الطائفي في المنطقة وحشد قواعدهم الاجتماعية عبر العزف على الغرائز الطائفية؟

حسب صديق لبناني يقطن الضاحية الجنوبية، وعلى معرفة جيدة بعالم المجتمع الشيعي اللبناني، فإن الدعاية التي يمارسها حزب الله، الآن، لحشد المقاتلين في سوريا ضد الثوار، هو حماية مزارات الشيعة هناك، خصوصا مزار السيدة زينب في ظاهر دمشق، وهذه دعاية تفعل فعلها في البسطاء الشيعة، في حين أنها تمثل أسلوبا غاية في الانتهازية الدينية السياسية. وكما قال الطفيلي، فإن مقام السيدة زينب محفوظ طيلة 1400 عام في حضن الدول الإسلامية السنية، ولم ينتظر كل هذا الوقت ليهب نبيل قاووق ونعيم قاسم وحسن نصر الله وهاشم صفي الدين، ليحموه الآن!

بكل حال، فالكلام ليس لحزب الله، فقد خلع العمامة المزيفة، وهو مجرد أداة بيد ملالي طهران، الكلام لمن ابتلعوا الطعم، بوعي أو من دونه، وروجوا لأكذوبة هذه المقاومة، و«شتموا» كل من رفض ابتلاع الطعم، طيلة العقد الماضي.. وما زالوا.

[email protected]