أصارع (الديناصور) ولا أصارع أنثى

TT

لو أنكم سألتموني عن أفضل الأعضاء بجسمي بالنسبة لي لقلت لكم من دون تردد هما اثنان (قدمي ورأسي) بالتساوي ولا أميز أحدهما عن الآخر، وإذا غلبت الروم وأرغمت على المفاضلة بينهما، فلسوف أختار بالطبع قدمي، لهذا لا أغضب على الإطلاق إذا قال لي أحدهم: (حط رأسك مكان ما تحط رجليك)، لأن هذا هو ما أفعله في الواقع، فقدمي لها عندي من التشريف والاحترام والعناية والتدليع الشيء الكثير.. فأنا مثلا لا أستطيع أن أكتب إلا بعد أن أغسلهما جيدا وأنشفهما وأعطرهما وأهويهما وأعمل لهما مساجا خفيفا، ثم أسمي بالله وأكتب حافيا وأحرك وألعب بأصابعي طوال الوقت كأي طفل أرعن.

قد تبدو تلك العملية شاقة بعض الشيء، ولكنني أستمتع بها في صباح كل يوم وأعتبرها نوعا من (الألعاب السويدية)، وإذا طرأت عليّ بعض الظروف يوما ولم أفعل ذلك، ظللت طوال أربع وعشرين ساعة محبطا وكئيبا أتخانق مع الذبابة لو أنها مرت أمام أنفي، ومثلما أنا أفرش أسناني قبل النوم وبعده، كذلك أفعل مع قدمي بغسلها.

ولي الحق لو رفعت قبعتي أو شماغي مع عقالي تحية لقدمي، لأنها تحملني كل يوم وتطوف بي في أرجاء منزلي وفي شوارع مدينتي ما لا يقل عن خمسة كيلومترات، بعضها هرولة، وبعضها (تكتكة).

أما أكثر من يسير على وجه الأرض على قدميه فهو بلا شك (الغرسون) أو النادل في أي مطعم أو مقهى، فقدماه تحملانه من دون أي شكوى أو تذمر في حدود (30) كيلومترا، كما أنهما تتحملان دقات وضغوط قوتها (1500) طن.

هناك نصيحة أو معلومة قرأتها من طبيب متخصص بالعظام جاء فيها:

لما كانت عظام القدم تحتاج إلى عشر سنوات لتنمو وأن الكعب لا يكتمل تكوينه قبل عشرين عاما، فإن الأطفال في المرحلة التي تسبق المدرسة يحتاجون إلى أحذية أكبر حجما كل شهرين أو أقل.

ومع ذلك فإن القدم النامية تنتظر طويلا حتى تحصل على الحذاء الأكبر الذي تحتاج إليه، كما أنه ينصح أي أحد يريد أن يشتري حذاء، بأن عليه أن يشتريه في آخر اليوم، لأن القدم تكون في هذا الوقت أكبر.

وأختم هذه المقالة (الحذائية أو القدمية) بحادثة كنت شاهدا عليها، فبينما كنت أسير وأتريض في أحد (المولات) مع أحد الأصدقاء، فإذا بي أسمع وقع أقدام خلفي يصاحبها صوت من (الشكشكة) المموسقة، وعندما تباطأت قليلا، إذا بسيدة تتعداني وهي تلبس حذاء ذا كعب عال جدا مشبوكا به أو بساقها خلخال، ولا أنسى أنه كان مذهبا وعليه ما يشبه (الترتر) الملون. فقلت لصاحبي: الحقيقة أن هذه السيدة ذات مزاج رفيع، غير أنني مستغرب كيف لا يختل توازنها وهي تسير على هذا الكعب النحيف المرتفع.

وما هي إلا أقل من خمس دقائق من السير خلفها حتى (تفشكلت) قدم المسكينة وانكسر كعب احدى فردتي حذائها.

ولم يتوانَ رفيقي في أن يقول لي: أعوذ بالله منك، ها أنت (ضربتها عين)، هيا روح تفل عليها، وكدت أفعلها لولا أنني خفت، وأنتم تعرفونني، فأنا أجبن خلق الله مع النساء، فقد أصارع (الديناصور) ولا أصارع أنثى.

[email protected]