كيف هو حال (أحفاد) الصحابة اليوم؟!

TT

يروي الأستاذ (جهاد الخازن) أنه كان مشاركا في جلسة شبه خاصة في سنة من السنوات مع الرئيس المصري السابق (مبارك)، الذي حكى لهم أن رئيس تركيا في ذلك الوقت زاره وأخذ يشكو من كثرة موظفي الدولة لديه والذين بلغ عددهم (600) ألف، ثم التفت للرئيس المصري وسأله عن عدد موظفيه، فقال له: «يعني زي كده»، لأنه خجل أن يقول له إنهم بلغوا ستة ملايين.

هذه هي آفة البلاد العربية كلها وليس مصر فقط، فالغالبية العظمى من الشباب يتهافتون على وظائف الحكومة، وينطبق عليهم تماما المثل القائل: (أكل ومرعى، وقلة صنعة).

ومعروف في دول الخليج مثلا، قبل أن تستشري به موجة النفط بشكل عشوائي، أن أبناءها كانوا يمتهنون كل المهن، ويأكلون من عمل أيديهم وعرق جباههم ولا يشكون ولا يتذمرون.

واليوم تركوا أغلب تلك المهن للعمالة الوافدة، التي يستطيع فيها أي سباك أو نجار أو حداد أو منجد أو مبلط أو دهّان أو سمكري أو صائغ أو كهربائي، أن يدخل من شغله ضعف ما يدخله الموظف الخليجي الجالس في مكتبه المكيف زي (الكبة).

والعمل المهني شرف ما بعده شرف، وسأفتح لكم نافذة على المهن التي امتهنها بعض الصحابة (رضوان الله عليهم جميعا)، ولكن قبل أن نحكي لا بد أن نشير للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وهو سيد الخلق، فإنه قد امتهن في صباه الرعي، ثم اشتغل في تجارة السيدة خديجة (رضي الله عنها) قبل أن يتزوجها.

ولو أننا عدنا للصحابة، فتذكر لنا كتب التاريخ أن (أبا بكر) وهو خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يجري في السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها، وعندما سألوه عن ذلك، ولماذا هو يتعب نفسه، قال: «من أين أطعم عيالي؟!».. و(عمر بن الخطاب) كذلك قال: «لو لم أكن أميرا للمؤمنين لتمنيت أن أكون عطارا، إذا فاتني الربح لا تفوتني الرائحة».. و(عثمان بن عفان) كان بزازا.. و(علي بن أبي طالب) تنقل في أكثر من حرفة، وتشارك في مرحلة مع صائغ يهودي من بني قينقاع، وعندما أقطعه الرسول عيونا في ينبع عمل بالزراعة بنفسه.. و(أبو عبيدة بن الجراح) كان حفارا.. و(أبو قتادة الأنصاري) كان صيادا.. و(حذيفة بن اليمان) كان خرازا.. و(أبو المنهال) كان صرافا.. و(سفيان بن حرب) كان يأتي من الشام بالزيت والزبيب والنبيذ قبل الأمر باجتنابه.. و(عثمان بن طلحة) كان خياطا.. و(عمرو بن العاص) تاجر جلود.. و(خباب بن الأرت) صانع سيوف.. و(دحية الكلبي) كان يتاجر بمختلف البضائع التي يجلبها من بلاد بعيدة، وفي يوم جمعة عندما وصلت قافلته المحملة إلى السوق أخذ يضرب الطبول لإعلام الناس بوصولها، فتهافتوا عليها، ولم يبق في المسجد غير اثني عشر رجلا، وبعدها نزلت الآية الكريمة القائلة: «وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما».. و(عمار بن ياسر) كان بناء بالحجر والطين.. و(الزبير بن العوام) كان جزارا، لكنه في ما بعد امتهن التجارة، وأصبح (مليونير) الصحابة رضوان الله عليهم، ويقال إن الذهب الذي تركه بعد وفاته كان يقطع بالفؤوس حتى ظهرت البثور على أيدي الرجال منه.. و(نوفل بن الحارث) كان بائع رماح.. و(أبو ذر الغفاري) كان حطابا.. و(عداس) كان فلاحا مزارعا.

هكذا كان الصحابة، فكيف هو حال أحفاد الصحابة اليوم؟!

[email protected]