حدود المراقبة

TT

قال أكبر مسؤولي الاستخبارات الأميركيين يوم الخميس إنه لا يوجد دليل حتى هذه اللحظة على تلقي منفذي تفجيرات ماراثون بوسطن مساعدة من شبكات إرهابية خارجية. فقد قال جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية في مقابلة: «في الوقت الراهن لا أرى أي دليل يثير الشك في وجود مخطط أكبر، لكن لازالت التحقيقات مستمرة». وكان هذا في معرض إجابته عن سؤال خاص بموضوع صحافي أشار إلى تورط مسلحين روسيين اثنين في القضية.

وكانت تعليقات كلابر بمثابة مؤشر آخر على أن التفجيرات، المتهم بتنفيذها تامرلان وجوهر تسارنيف ، عملية ذات جذور محلية وربما أقرب إلى حادث إطلاق النيران الذي وقع في نيوتاون بولاية كونيكتيكت منها إلى مخطط لتنظيم القاعدة. وقال كلابر: «ربما يكونان قد قاما بذلك وحدهما، لكن ينبغي انتظار انتهاء التحقيقات قبل الخروج باستنتاج. يتعلق الأمر بتحول الناس إلى النهج المتطرف... والشعور بالغبن على المستوى الشخصي والتعرض لتأثير المواقع الإلكترونية للحركات الجهادية».

وأوضح أنه في ظل وجود هذه المخططات المحلية، هناك حدود صارمة لما يمكن لأجهزة الاستخبارات السبعة عشر التابعة له القيام به من أجل جمع المعلومات.

كان الأخ الأصغر جوهر مواطنا أميركيا، وكانت الإقامة التي حصل عليها تامرلان تجعل وصف «شخص أميركي» ينطبق عليه، مما يمنح الاثنين حماية من مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي والأجهزة الاستخباراتية الأخرى. وأوضح كلابر: «هناك قيود على مدى تطفلنا في مراقبة المواطنين الأميركيين». وحذر من أن أي محاولات عدائية أثناء تجميع خيوط القضية قد تؤدي إلى انتهاكات خطيرة للحريات المدنية، وتساءل بحدة قائلا: «هل يريد الشعب منا أن نكون أكثر تطفلا في مراقبة نشاطهم على الإنترنت والتنصت على مكالماتهم التي يجرونها بالهواتف المحمولة أو أسفارهم خارج البلاد؟ هل تريدون منا أن نفعل ذلك معكم؟». ويرى المنتقدون أن مكتب التحقيقات الفيدرالي والأجهزة الأخرى لا تجري بإتقان التحقيقات في قضية الأخوين تسارنيف . ويشيرون إلى أن الاستخبارات الروسية نبهت الاستخبارات المركزية الأميركية عام 2011 إلى خطر تامرلان وحثت مكتب التحقيقات الفيدرالي على إجراء تحقيق عنه خلال ذلك العام. وكان لا يزال مسموحا له بالسفر إلى روسيا في يناير (كانون الثاني) عام 2012 وعاد إلى الولايات المتحدة في يوليو (تموز) بدون أي استفسارات. مع ذلك قال كلابر إن الأجهزة الاستخباراتية كانت تلتزم بقواعد دخول قاعدة بيانات «هويات الإرهابيين» التابعة للمركز القومي لمكافحة الإرهاب واستخدام الأسماء بها. وقال إن التحقيق الذي أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي عن تامرلان لم يسفر عن أي دليل على علاقته بأي منظمة إرهابية يستدعي إدراجه على قائمة الممنوعين من السفر أو الخاضعين لرقابة خاصة. وطبقا للقواعد تم حذف اسمه من السجل. وأضاف كلابر: «لم يكن لدينا أي دليل ضده. كل ما كان لدينا هو استفسار من روسيا. وطلبنا التوضيح ثلاث مرات. وأجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي فحصا جنائيا شاملا وطلب توضيح، لكن بدون استجابة».

ورفع كلابر صوته خلال المقابلة عدة مرات ليقول إن مهمته ليست الإشراف على المراقبة، بل إدارة الاستخبارات بما لا يتنافى مع قواعد الخصوصية التي تحد من صلاحيات الحكومة في جمع المعلومات أو الاحتفاظ بها. وأشار إلى أنه قبل قضية الأخوين تسارنيف بفترة قصيرة أجرى المفتش العام بمكتبه تحقيقا عن مدى التزام المركز القومي لمكافحة الإرهاب بقواعد الحفاظ على بيانات «قاعدة هويات الإرهابيين». وقال كلابر: «كان التقرير الخاص بهم في هذا الصدد جيدا».

بالنظر إلى حدود مراقبة الحكومة للمتطرفين المحليين، ما هي استراتيجية منع الإرهاب ذي الجذور المحلية؟ إنها تركز بالأساس على التواصل مع المسلمين والجاليات الأخرى من أجل الحصول على المساعدة في مراقبة أي نشاط إرهابي وعرقلته. الفكر المتطرف المتمثل في زيارة مواقع إلكترونية أو الحديث عن جماعات إرهابية قانوني تماما على حد قول أحد المحللين. ويحدث الاختراق عندما يتم تحريك شخص للقيام بفعل، لكن من الصعب رصد هذا لأنه عادة ما يحدث داخل نطاق الفرد الشخصي كما هو واضح في قضية الأخوين تسارنيف. وحتى عندما كانا يزوران مواقع إلكترونية جهادية أو ينشران رسائل تحريضية، لم تكن مراقبة نشاطهما قانونية. ويقول محللون إن التواصل مع الجاليات المسلمة من خلال حملات توعية في المساجد والمراكز وأماكن التجمع الأخرى هو الوسيلة الأكثر فعالية لمنع التطرف الإسلامي ذي الجذور المحلية. إذا شعرت الأسر الأميركية أنها جزء من مجتمع أميركي أكبر، سيقبلون على مراقبة العنف ومنعه. ليس الدكتور فيل هو الذي يتحدث هنا، بل متخصصون عمليون في مجال مكافحة الإرهاب.

وخلص كلابر ومحللوه إلى أن الحل السليم في التعامل مع المخططات التي تحاك في الداخل ليس هو أسلوب مراقبة الذي تتبعه الدولة البوليسية، بل تبني سياسات مجتمعية جيدة وفعالة. لن تتوقف مخططات الأشخاص الذين يجنحون نحو التطرف مثل الأخوين تسارنيف، لكن كما يقول أحد المحللين «لن تزداد إلى أن تتحول إلى ظاهرة في المجتمع».

*خدمة «واشنطن بوست»