المسلمون ومحاربة (طواحين الهواء)

TT

في أحد المجالس أخذ أحدهم، وهو من الإخوة المتعصبين، أخذ يصب جام غضبه ولعناته على الأوروبيين والأميركيين الذين، على حد زعمه، يضيقون الخناق على المسلمين ويحاربون الإسلام بشتى الوسائل.

وتعجبت أن الغالبية العظمى من الحاضرين وافقوه على كلامه (السامج) ذاك، بينما كنت أنا ملازما الصمت كعادتي دائما كأي أرنب مسالم، خوفا من (النهش) والافتراس.

والآن بعد أن وصلت إلى منزلي آمنا، بدأت أكتب هذا المقال، ولكي لا أصدع رؤوسكم بـ(بربرتي)، سوف أورد لكم مقاطع موثقة من مواقف بعض تلك الدول التي يزعمون أنها تحارب (الإسلام والمسلمين)، وأترك لكم التعليق من دون أي تدخل مني، اللهم إلا تساؤلا بسيطا سوف أورده في النهاية.

قال وزير الداخلية الفرنسي (مانويل فالس)، إنه في غضون سنوات قليلة سيصبح الإسلام الدين الثاني في فرنسا، وسيزيد عدد معتنقيه على ستة ملايين مسلم.

وأضاف قائلا في تصريح لدى وجوده في بروكسل: «إن لدينا عددا من المساجد وقاعات للصلاة يتراوح بين 2200 و2300 موقع في جميع أنحاء البلاد، ويجب على فرنسا وأوروبا أن تعترف بأن الإسلام متوافق مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة، وأن الأمثلة قليلة جدا في تاريخ البشرية على انتشار دين بهذه السرعة في مثل هذا الوقت القصير» - انتهى.

ومن ثم اعترفت بلدية (لاهاي) الهولندية بحق المسلمين في رفع الأذان من دون طلب ترخيص بذلك، مشيرة إلى أن هذا الحق يندرج تحت حرية العبادة والتدين.

وأكدت أن صوت الأذان يندرج في إطار الأصوات المسموح بها في إعلان دخول أوقات العبادة كما هو الحال في أجراس الكنائس، وأغاني (هاري كريشنا) البوذية، وبناء على ذلك فإن المسلمين لا يحتاجون إلى ترخيص لرفع الأذان.

وفي إسبانيا، أبطلت المحكمة العليا قرارا كانت قد أصدرته مدينة لريدا الشمالية منعت بموجبه ارتداء النقاب في المباني العامة، وقد استندت المحكمة في حكمها إلى حرية العقيدة.

وفي أستراليا، وافق المجلس المحلي لضاحية (ديفتون) بمدينة (ملبورن) على بناء مسجد في هذه المدينة بأغلبية تسعة من أعضائه العشرة.

وفي (آيرلندا)، وافق مجلس بلدية (دبلن) على إنشاء أكبر مسجد في (آيرلندا) كانت منظمة دبلن ويلفار الإسلامية قد تقدمت إلى مجلس البلدية بطلب في هذا الشأن، وتبلغ تكلفة هذا المشروع نحو 40 مليون يورو.

ويذكر أن مساحة هذا المشروع ستبلغ 157 ألف متر مربع، وسيشمل مطعما، وصالة للمؤتمرات، ومدرسة ابتدائية، وكلية، ويمكن أن يستوعب المسجد 500 مصل كل جمعة وثلاثة آلاف في صلاة العيدين.

ولا أدري، هل المسلمون تأثروا بمنطق (الدونكيشوت)؟ هل ما زالوا مصرين على محاربة طواحين الهواء؟ وإلى متى؟! ورحم الله (نزار قباني) عندما تساءل: متى تفهم؟! أيا جملا من الصحراء لم يلجم. وهذا لا ينطبق على العرب فقط ولكن على المسلمين عموما، ومن لم يكن لديه جمل فلديه فيل أو زرافة أو نعامة، أو حتى (برص).

[email protected]