«العصر الشيعي».. ليس بهذه الطريقة

TT

حملة مدروسة تنفذها حكومة نوري المالكي وقيادات حزب الله في لبنان، بالتنسيق مع النظام السوري وبدعم وتخطيط مباشر من إيران، ضد الكثير من دول المنطقة وبينها تركيا طبعا. وهذه الحملة ستتفاعل وتتضاعف في الأيام المقبلة لتتحول إلى ضغوط سياسية ودبلوماسية وخروقات أمنية جديدة في أكثر من مكان، بهدف «إقناع» البعض بتغيير سياساتهم السورية. لكن المشهد الحقيقي مهما حاول البعض إخفاء ذلك، هو تحرك إيراني واسع وبغطاء ديني مذهبي توضحت معالمه من خلال المواقف والرسائل الموجهة على أكثر من جبهة.

تحريك البعض ضد المصالح التركية في لبنان وتهديد أنقرة يوميا بأنها ستدفع ثمن احتجاز مواطنين لبنانيين شيعيين - لا يمكن بعد هذه الساعة سوى ربطهما بقرار التحاق مباشر لـ«ثلة من مقاتلي حزب الله» في المعارك الدائرة داخل المدن السورية دعما لقوات النظام، وتبرير أمينه العام حسن نصر الله أسباب ذلك بالخشية من سيطرة «التيار التكفيري» على المعارضة السورية، ومحاولتهم السيطرة على محافظات سورية بمحاذاة لبنان، حيث سيشكل ذلك خطرا كبيرا على كل اللبنانيين.

ألن يقرأ الإخوة الشيعة في لبنان وخارجه، بيان الائتلاف الوطني السوري حول الخطاب الموصوف بـ«أنه ينثر بذور صراع في المنطقة، ويقدم مصالح المشروع الإيراني على مصالح الشعوب وحقوقها؟».

من حق حزب الله ألا يكون «في جبهة فيها أميركا وإسرائيل»، لكنه سيطالب دائما بتوضيح أسباب تورطه في حرب داخل الأراضي السورية وقتل أنصار المعارضة السورية؟ إيران انتقدت لسنوات سياسة إسرائيل في «الهجوم الوقائي» على لبنان وغزة، لكن يبدو أنها تتبناها في سوريا من خلال دعم مقاتلي حزب الله، ليس دفاعا عن النظام وحسب، بل عن نفوذها ومصالحها في لبنان أيضا.

تهديدات نوري المالكي الأخيرة لأنقرة بإحالتها إلى مجلس الأمن الدولي بحجة اختراق سيادة العراق وتهديد أمنه واستقراره، من خلال تورطها في دخول عناصر حزب العمال الكردستاني إلى جبال قنديل، حيث يوجدون أصلا ومنذ عقود - لا بد من التوقف عندها أيضا.

رسائل طهران هذه المرة وقعت في مأزق تناقض مواقف بغداد، حيث تم تجاهل السيادة التركية واختراق تراب الجار لسنوات طويلة من دون أن تقول أنقرة يوما إنها ستذهب إلى الأمم المتحدة، أو أن تتحدث عن وجود صفقة إقليمية ضدها، لكنها نسيت السيادة السورية المخترقة من قبل مقاتلي حزب الله هناك.

قبل أيام في مؤتمر العراق الدولي المنعقد بمدينة إسطنبول، رفض الكثير من المتحدثين محاولات تكريس مزاعم أن العرب السنة أقلية في العراق. كيف ومن أين وصلوا إلى هذه النتيجة حول سنة العراق؟ ألن يتحرك المجتمع الدولي والمؤسسات العالمية للمساعدة على إجراء مسح وتعداد سكاني عادل ومنصف في البلاد ليعرف كل ذي حق حقه؟ أما التساؤلات، فكان أبرزها حول هذه الصدفة التي تهمش وتستبعد سنة العراق اليوم عن الكثير من المواقع القيادية السياسية والعسكرية، وحول الاعتداءات والتجاوزات والاعتقالات التي تأتي في غالبيتها مستهدفة السنة الذين تجاوزت فترات توقيف أو احتجاز بعضهم السنوات دون أن يمثلوا أمام المحاكم حتى اليوم؟

طارق الهاشمي أشار أكثر من مرة إلى انحرافات ممنهجة يريدها البعض لتكريس الدولة الطائفية في العراق: ما هذه المفارقة التي تشير إلى محاكمة الكثير من القيادات السنية في العراق بالمادة 4 إرهاب، بينما لا نجد ولو قياديا شيعيا واحدا؟ يحاولون تصفيتنا بكل الوسائل رغم أننا لم نعترض على من يحكم، بل على طريقة الحكم والذهنية الطائفية المذهبية في الإدارة. هو خروج عن مشروع الدولة المدنية المتفق عليه في دستور 2005. ليقولوا لنا أين هي اليوم مساجد ودور عبادة السنة في العراق وكم عددها؟

البعض يريد تحويل المواجهة إلى أبعد من أن تكون مواجهة قطع الأرزاق، هو يريدها مواجهة قطع الأعناق.