اختبار قوة للولايات المتحدة والصين

TT

يصف مسؤولون أميركيون حالة خيبة أمل عامة فيما يتعلق بالتعامل مع الصين خلال العقد الماضي. إن بكين ترغب في أن يجري الاعتراف بها بوصفها قوة اقتصادية ناشئة ترفض أن تكون شريكا نشطا في حفظ الأمن. لقد ظهرت بكين بمظهر من يرغب في جني مكسب بلا عناء، أو من دون الاضطلاع بالمسؤوليات ذات الصلة.

سوف يختبر الأسبوع المقبل ما إذا كان الرئيس الصيني الجديد، شي جين بينغ، يعتزم لعب دور أكثر مشاركة مع الولايات المتحدة والعالم. سوف يقضي شي يومين في محادثات استراتيجية سرية مع الرئيس أوباما، في إطار ما دأب المسؤولون الصينيون خلال العام الماضي على وصفه بأنه عملية بحث عن «نوع جديد من العلاقات بين اثنتين من القوى العظمى».

وعادة ما يجري تشبيه معضلة العلاقات بين القوى العظمى التي سيستكشفها شي وأوباما في اجتماعهما بالقلق الذي أثاره صعود أثينا في إسبرطة. ومثلما أشار جوزيف ناي، الأستاذ بجامعة هارفارد في عام 2005. فإن الحرب البيلوبونيزية نجمت من مخاوف إسبرطة من أن تصبح أثينا قوة اقتصادية ذات ثقل، لكن النزاع لم يكن محتوما. فقد كان من الممكن تفاديه عن طريق المفاوضات والسياسة الحكيمة. ومن ثم، ينطبق الأمر بالمثل على أميركا والصين.

قبل أيام من الاجتماع الذي سيبدأ يوم الجمعة في صاني لاندز شرق لوس أنجليس، أظهر شي موقفا جديدا للصين. وحذر بقوة مبعوثا من كوريا الشمالية في مايو (أيار) من أن بيونغ يانغ يجب أن تتراجع عن تهديداتها النووية المتهورة وتتفاوض على السلام مع الصين والولايات المتحدة ودول أخرى. يقول شي: «نزع الأسلحة النووية بشبه الجزيرة الكورية... هو ما يريده الناس وأيضا الاتجاه السائد في الوقت الراهن».

يرى المسؤولون الأميركيون أن الصينيين قد توقفوا عن الحديث بلا طائل عن كوريا الشمالية لثلاثة أسباب: إنهم يخشون من أن تجبر كوريا شمالية نووية دولتي جوارها كوريا الجنوبية واليابان على امتلاك أسلحة نووية أيضا؛ كما يخشون من أن تكثف كوريا الشمالية تقنياتها من أجل القضاء على دول واستئصال إرهابيين، وقد يكون الأمر الأكثر أهمية أنهم يخافون أن تقوم الولايات المتحدة بأعمال عسكرية لحماية نفسها، الأمر الذي من شأنه أن يقلص أمن الصين.

في حالة ما إذا أصبح الصينيون قوة إقليمية راسخة يمكن الاعتماد عليها بصورة أكبر، فما الذي سيحصلون عليه في المقابل؟ سوف يكون ذلك بالتأكيد على رأس قائمة الأسئلة التي سيوجهها شي لأوباما. ويتمثل أكثر الاختبارات صعوبة في مجموعة صغيرة من الجزر الواقعة في بحر الصين الشرقي والتي يطلق عليها الصينيون اسم «دياويو»، فيما يطلق عليها اليابانيون اسم «سينكاكو». لقد أكد اليابانيون مؤخرا بشكل أقوى على حقهم في فرض سيادتهم على الجزر، واتجه الصينيون إلى دبلوماسية السفن الحربية. إن الولايات المتحدة ترغب في أن تنتهي المشكلة – مع عدم تبني أي موقف بشأن السيادة والحث على عدم التصعيد – ولكنها يمكن أن ترغم على هذا الوضع بموجب معاهدة الدفاع التي أبرمتها مع اليابان. يكفي الآن أن يتحدث شي وأوباما بصدق عن القضية.

إن الصينيين يرغبون أيضا في المشاركة في إدارة الاقتصاد العالمي. أخبر نائب رئيس الوزراء وانغ يونغ مستشار الأمن القومي الزائر، توماس دونيلون، الأسبوع المنصرم، بأنه يتعين على الدولتين «دعم تنسيق سياسة اقتصاد كلي شامل، وتعزيز الانتعاش الاقتصادي والنمو العالمي معا».

لقد تخطت بكين حاجز نزعة التشكك التي كانت متأصلة لديها خلال ذروة الكساد العظيم، حينما بدت الرأسمالية الأميركية أشبه بالأيقونة التي قد تداعت. وفي خطابه بالمنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2009 في دافوس، انتقد رئيس الوزراء في تلك الفترة، ون جياباو: «سياسات الاقتصاد الكلي غير الملائمة»، والمصارف الجشعة ووصف النموذج الأميركي بأنه «غير مستدام». لقد غير الصينيون لهجتهم، بفضل الإجراءات الاقتصادية القوية التي انتهجتها إدارة أوباما. والآن، يرغبون في المزيد من سياسات السوق الحرة، فيما يتعلق بالنموذج الأميركي.

سوف تتمثل أعقد المشكلات في مشكلة الهجمات الإلكترونية. ففيها، كان سلوك الصينيين سافرا، حيث قد سرقوا تقنيات أميركية تقدر بملايين المليارات من الدولارات على مدار العقد الماضي، من بينها العديد من أكثر أنظمة الأسلحة الأميركية سرية. وقال دونيلون في مارس (آذار) إن الولايات المتحدة ترغب في تحقيق ثلاثة أهداف: الحصول على اعتراف من الصينيين بأن هذه تعتبر مشكلة حقيقية وملحة، والتزام من جانب الصين بإجراء تحقيق في الوقائع، واتفاق بالتعاون في إطار عمل يهدف للحماية من الهجمات الإلكترونية. ستكون تلك هي أجندة العمل في صاني لاندز، غير أن مسؤولين أميركيين يقولون: إنهم يتطلعون لمناقشة اقتصادية وليس «الحل الجاهز».

إن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين تلعب أكبر دور على صعيد العلاقات الدولية. إنها المنحى الذي قد أتى من خلاله، أسلوب دونيلون المنظم بدرجة فائقة، والذي أحيانا ما يثير حنق زملائه، بمكاسب.

لقد عكفت الولايات المتحدة على وضع أساس لعلاقة جديدة مع شي لما يربو عن عام، ويقول دونيلون على نحو مصيب إن هذا ربما يعد من «إنجاز» أوباما «البارز». وفي كل خطاب عن الصين، يشدد المسؤولون الأميركيون على الحاجة الماسة للحوار بين القوتين العسكريتين الصينية والأميركية. ربما اختلف التاريخ لو كان قادة إسبرطة وأثينا أصدقاء، مع أنني لست على يقين من هذا. لكن بالنظر إلى حجم المخاطر، فإن مؤتمر القمة الذي يعقد هذا الأسبوع بين الرئيسين أوباما وشي، جدير بأن يوصف بأنه «تاريخي».

* خدمة «واشنطن بوست»