قطر ماذا حدث؟ (3) سوق واقف

TT

يتوافد على هذه السوق آلاف الزائرين يوميا من كل جنسيات الأرض المقيمة والوافدة إلى قطر.. والشيء الغريب أن كل شخص في حالة انسجام مع هذا المكان، والذي أصبح من الأماكن التي يرتاح إليها الناس لما فيها من كل مباهج التسلية والبهجة.. «سوق واقف» مكان رائع جميل يجمع بين رائحة الماضي في طراز المباني وبين تكنولوجيا الحاضر في الأدوات التشغيلية المختلفة.

سمعت عن هذه السوق قبل أن أصل إلى قطر، ولم أتمكن من زيارتها في الأيام الأولى لوجودي في الدوحة، ولكن من الزيارة الأولى استطعت أن أعرف تاريخ هذا المكان والذي أصبح مكانا ارتاح إليه وأزوره يوميا.

هذا المشروع تم العمل فيه ما بين عامي 2004م و2006م، وقد قام فريق المرممين والمهندسين وعلى رأسهم صديقي المهندس محمد على بترميم بعض المباني القديمة، وأضافت الكثير من المباني الجديدة لتأخذ نفس الطراز القديم.. ليجسد تاريخ قطر وتراثها؛ وذلك باستعمال مواد البناء القديمة وخصوصا الحجر والخشب، مع مراعاة التراث المعماري الخاص بالمكان بحيث ترى تناسقا معماريا في طراز المباني وارتفاعاتها والمواد والألوان دون أي تلوث بصري.

والأهم أنهم استطاعوا أن يحترموا المنشآت القديمة مثل قلعة الكوت الأثرية التي بنيت في عهد الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني. وقد أقاموا داخل السوق سوقا خاصة للذهب، ومسرحا شعبيا تقام عليه الاحتفالات الشعبية من أغان ومسرح لرواد المكان، وقد أصبحت «سوق واقف» مكانا سياحيا لكنها ليست فقط للترفيه بل وللتثقيف في نفس الوقت؛ ولذلك يمكن أن تذهب إلى السوق لكي تشترى كل ما تحتاجه، وفى نفس الوقت تأكل الأطعمة الشعبية القطرية وتجلس على المقاهي المختلفة الطراز سواء عن السورية أو المغربية أو القطرية.

وقد زرت أيضا القلعة الأثرية وبعض الفنادق ذات الطابع القديم بالإضافة إلى المتاحف الفنية ومعارض لوحات تشكيلية أخرى، وكذلك سوق الطيور. وقد استطاع فريق العمل المشرف على إنشاء السوق أن يقلد المباني التي أنشئت عام 1880م ويجعلها تعيش في رائحة الحاضر.

وهذا المكان مفتوح طوال النهار والليل للجلوس على المقاهي أو المطاعم أو الاستمتاع بعروض الرقص والموسيقى الشعبية.. وقد تعجبت لعدم حصول هذه السوق على جائزة مؤسسة أغاخان العام الماضي؟! وفى آخر يوم جلست على أحد المقاهي مع الكثير من الأصدقاء المصريين والقطريين وسألنا أحدهم عن موضوع تأجير قطر للآثار المصرية؟ وشرحت لهم حقيقة الأمر، بأن قطر ليس لها أي صلة بما نشرته الصحف، وأن هذا اقتراح لأحد الكتاب المغمورين المصريين، وبدلا من إلقاء هذا الاقتراح إلى سلة المهملات ناقشته وزارة الآثار؛ لأن القائمين على إدارتها يحتاجون دروسا في الإدارة والآثار، ويجب أن يعود هذا الوزير إلى نفس المكان الذي يدرس فيه للطلاب.. «سوق واقف» مكان يجعلك تتحدث عن الماضي بحب، وفى نفس الوقت تعيش في الحاضر الجميل.. أما الاسم فيرجع إلى أن تجار هذا المكان كانوا يبيعون بضائعهم وهم وقوف! وهذا هو سبب اسم المكان: «سوق واقف».