يا الله.. اقبل دعائي

TT

أول مرة أعرف أن (لمكة المكرمة) ما لا يقل عن (30) اسما، إلى أن قرأت بالصدفة المحضة قصيدة طويلة للقاضي القديم (أبو البقاء بن الضياء الحنفي)، وجاء في بيتين منها قوله:

لمكة أسماء ثلاثون عدت

ومن بعد ذاك اثنان منها اسم مكة

صلاح وكوثر والحرام وقادس

وحاطمة البلد العريش بقرية

عندها توقفت ولم أكمل القراءة، وأخذت أفكر في هذه البقعة التي هي أطهر وأقدس بقعة على وجه هذه الأرض الممتلئة على مدار اليوم، بل على مدار التاريخ، بالتحديات والحروب والقتل والانتهاكات والذنوب، وكيف أن الأعناق والرؤوس والصدور والعيون لملايين البشر تتلفت وتتوجه لها أينما كانت خمس مرات على مدار 24 ساعة، وكيف أنها رغم ذلك لم تشكم في بعضهم طبيعتهم الحيوانية التي جبلوا عليها، والتي تغلغلت في (جيناتهم) وهم ما زالوا في أرحام أمهاتهم لم يولدوا بعد.

وجلست بيني وبين نفسي أتفكر، وعندما أعياني التفكير، أخذت (أبحبش) وأبحث عن تلك الأسماء في بطون الكتب والمراجع، ولم أجد غير الشعر الذي هو قاموس العرب ولسانهم الذي لولاه لتقطعت بنا سبل التاريخ (الناصع السواد).

ووجدت منها هذه الأبيات التي تدل كلها على أسماء (البيت المعمور).

قال (أبو عبادة البحتري):

حججنا (البنية) شكرا لما

حبانا به الله بالمنتظر

وقال (الشافعي):

ألا زعمت (بساسة) اليوم أنني

كبرت وأن لا يشهد السر أمثالي

وقال (طرفة بن العبد):

متى أدع في (الجلى) أكن من حماتها

وإن تأتك الأعداء بالجهد أجهد

وقال (أبو ذؤيب):

فبات بـ(جمع) ثم آب إلى منى

فأصبح رادا يبتغي المزج بالسحل

وقال (كثير عزة):

قضيت لبانتي وصرمت أمري

وعديت المطية في (بساق)

وقال (الفكهاني):

أبصروا ثم كثيرا مولما

وأياما في شعوب (الحاطمة)

وقال (أبو سفيان بن حرب):

إني نذير لأهل (السبل) ضاحية

لكل ذي أربة منهم ومعقول

وقال (شاعر مجهول):

خوارج من نعمان أو من (سبوعة)

إلى البيت أو يخرجن من نجد كبكب

وقال (الحضرمي):

أيا مطر هلم إلى (صلاح)

ليكفيك الندامى من قريش

وقال أيضا (شاعر مجهول):

و(عربة) أرض ما يحل حرامها

من الناس إلا اللوذعي الحلاحل

وقالت (الخنساء):

كان أبو حسان (عرشا) خوى

مما بناه الدهر دان ظليل

وقال (لبيد):

وإن لم يكن إلا القتال فإننا

نقاتل ما بين (العروض) وخثعما

وقال (الزبير بن عبد المطلب):

ولولا (الحمس) لم تلبس رجال

ثياب أعزة حتى يموتوا

ومن أسمائها أعزها الله التي لم أجد فيها شعرا: أم زاحم، وأم صبيح، وبرة، والمعطشة، والرأس، والعذراء، ومعاد.

طبعا كلنا يعرف بكة، وأم القرى، والبيت العتيق، والبلد الأمين.

أكتب لكم هذه الكلمات الآن وأنا لابس ثياب الإحرام قاصدا (العمرة) لوجه الله على أمل التخفيف ولو قليلا من ذنوبي المتراكمة، وسوف أحاول الدعاء لكم - إن استطعت - وأن يشد كذلك من أزر كل المستضعفين في هذه الأرض، وأرجو أن يقبل المولى دعائي، قولوا: آمين.

[email protected]