محام عام لا يصلح لهذه المهمة

TT

الناس تبحث عن الفضيحة الخاطئة للمدعي العام إريك هولدر. والمشكلة مع هولدر هي الحقيقة الواضحة بالنسبة لهولدر، بحسب عدد كبير من الزملاء القانونيين، أنه مدع عام عادي.

أخطاء هولدر في الإدارة والحكم واضحة في الجدل الحالي بشأن التحقيقات الخاصة بتسريب معلومات سرية، فقد صمت إزاء تجاوز المدعين العامين المتحمسين للخطوط الإرشادية الخاصة بوزارة العدل في مصادرة تسجيلات الصحافيين، عندما نأى بنفسه عن القضية، لكن الغريب أنه لا يحتفظ بسجل كتابي لهذا الابتعاد، وفشل بشكل كامل في توقع الخطأ السياسي الذي نشأ عندما طلبت وزارة العدل من وكالة «أسوشييتد برس» تسجيلات المكالمات الخاصة بأكثر من 20 هاتفا لها.

توضح قضايا التسريب ميل هولدر إلى السير في اتجاه التيار. فالدعاوى القانونية ضد مسربي المعلومات توافقت مع تشدد قانون مكافحة تسريب معلومات سرية الذي أقره الحزبان، الذي قدمته العام الماضي السيناتورة ديانا فينستين، الديمقراطية التي ترأس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ والتي اقترحت مزيدا من التدابير القاسية المناهضة للإعلام أكثر مما فعله هولدر. وركبت وزارة العدل التيار المحافظ إلى أن أصبحت الملاحقات القضائية للتسريبات مثار جدل قبل بضعة أسابيع - ليعيد هولدر اكتشاف مصلحته في قانون الدرع.

وقال أحد مسؤولي البيت الأبيض لمحام بارز في واشنطن أخيرا: «إن هولدر يستبدل حكمه السياسي بحكمه القانوني لكن حكمه السياسي ليس بالجيد». هذا الانتقاد جاء في أعقاب استشارتي لنحو ستة محامين بارزين في واشنطن.

وكون هولدر مقربا من الرئيس أوباما هو في حد ذاته مشكلة. فقد كان شقيق روبرت كيندي رئيسا، لكنه كان واحدا من أفضل المدعين العامين في العصر الحديث، وأحد الأسباب في ذلك هو استعانة روبرت كيندي بمجموعة من كبار العقول القانونية للعمل معه. لكن لا يمكن قول الشيء ذاته عن هولدر.

يضع المدعي العام القوي خطوطا إرشادية واضحة للمدعين العامين والمحامين والعامة. لكن هولدر يتعرض للانتقاد لفشله في صياغة سياسة قانونية. وكان أول مثال على ذلك الملاحقة القضائية لاستخدام الماريغوانا بعد تقنين عدة ولايات استخدامها لأغراض طبية. وكتب نائب المدعي العام ديفيد أوغن مذكرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 يدافع فيها عن نهج أكثر تحفظا، ونتيجة لخشية هولدر من أن يبدو ليبراليا للغاية، فقد كانت النتيجة خليطا من المعايير المختلطة حول البلاد.

أحد الأمثلة المشابهة للإشراف الضعيف ما يعرف بـ«مادة برادي» التي تشير إلى أدلة مبرئة يتطلب من المدعين العامين إظهارها للمتهمين. وقد أدى الفشل في إنتاج مثل هذه المادة إلى دعاوى قضائية غير متقنة لسيناتور آلاسكا تيد ستيفنز. وتولى هولدر منصبه عقب ذلك، وتوقع الكثير من المراقبين أن يضع قواعد واضحة للمدعين العامين لمنع أي انتهاكات مشابهة. عوضا عن ذلك لا تزال سياسات وزارة العدل تسمح بتباينات واسعة، ومن ثم ترك قضية الإدارة والإشراف الرديء على التزامات الاستكشاف التي لم تصوب في المستويات العليا من الوزارة، بحسب ما كتبه المحاميان ويليام ولش وويليام تايلور في دورية «القانون الوطني» العام الماضي.

كانت وزارة العدل سريعة في ركوب موجة الملاحقات القضائية الشعبية سياسيا، والتي كان لها نتائج مشوهة سياسيا في بعض الأحيان. فما كان ينبغي للائحة الاتهام بحق السيناتور السابق بتهمة تمويل الحملة الانتخابية بسبب علاقات خارج إطار الزوجية أن تمضي قدما، بحسب اعتقاد الكثير من المحامين. وانتصر إدواردز في المحكمة، وفشلت القضية الجنسية «الخديعة» في إثبات أن المديرين التنفيذيين للشركات دفعوا رشى لبيع أسلحة إلى الغابون وهو ما نتج عنه محاكمتان غير قانونيتين.

تضمنت الدعاوى الجنائية بحق مسؤولي «بريتش بتروليم» بشأن التسرب النفطي في خليج المكسيك حماسة سياسية، لكنها كانت فوضى سياسية. فقد رفض القاضي عددا كبيرا من الاتهامات ضد ديفيد ريني المدير التنفيذي لـ«بريتش بتروليم» الشهر الماضي لعدم كفاية الأدلة وبدت الجرائم الجنائية ضد اثنين من مشرفي حفارات «بريتش بتروليم» مهتزة إلى حد بعيد.

إحدى مهام المدعي العام إزالة العقبات القضائية للسماح بتطبيق القانون بفاعلية. وهنا أيضا يُخطّئ المحامون هولدر. المثال على ذلك كان خطة محاكمة خالد شيح محمد العقل المدبر لهجمات 11 / 9 أمام محكمة مدنية في نيويورك. وفعل هولدر ما اعتبره الكثيرون القرار الصائب في نظر القضية هنا. لكنه لم يرس الأسس السياسية بين السياسيين في نيويورك والبلاد، وعندما اندلعت عاصفة سياسية تراجع عن قراره.

وقد تكون كلمة «ضعيف» الكلمة التي استخدمها أحد المطلعين على السياسة في واشنطن لوصف هذا القرار وقرارات هولدر الأخرى.

يتحدث الرئيس أوباما عن رغبته في تطوير أداء الحكومة الفيدرالية حتى يتمكن المواطنون من الثقة في الحكومة مرة أخرى، ووزارة العدل إحدى المناطق التي تشكل فيها المعايير أمرا بالغ الأهمية، لكن ذلك لم يحدث في ظل تولي هولدر المسؤولية وهذه فضيحة حقيقية هنا - التسامح مع الأداء الضعيف.

* خدمة «واشنطن بوست»